في تطور تاريخي قد يعيد تشكيل خريطة العمران العربي، شهدت الدوحة لقاءً استراتيجياً بين وزيري الإسكان المصري والتنمية الاجتماعية القطرية، على هامش الدورة الـ42 لمجلس وزراء الإسكان العرب. 42 عاماً من التعاون العربي في الإسكان تثمر اليوم شراكة مصرية-قطرية قد تغير وجه العمران في المنطقة، بينما يسير النموذج القطري في التطوير العمراني بسرعة القطار السريع، والدول التي لا تواكبه ستفوت قطار الاستثمار الذهبي.
التقى المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان المصري، مع بثينة بنت علي الجبر النعيمي، وزيرة التنمية الاجتماعية القطرية، في جلسة عمل مثمرة استعرضت النماذج العمرانية الرائدة. مشروع واحد في قطر نجح في الحفاظ على التراث بينما يحقق أرباحاً بالمليارات – هذا ما أثار إعجاب الوزير المصري خلال جولته الميدانية في مشروع “مشيرب” قلب الدوحة ومنطقة “سوق واقف”. “المهندس أحمد العمراني، خبير عمراني مصري، يؤكد: هذا التعاون يفتح أفاقاً جديدة للتطوير المستدام يجمع بين عبق التاريخ وطموحات المستقبل.
قد يعجبك أيضا :
وخلف الكواليس، تكشف الحقائق عن توجه مشترك لتطوير المدن بروح عصرية تحفظ الذاكرة الحضارية، كما عبر الوزير الشربيني. هذا التوجه يأتي في ظل انعقاد المنتدى الوزاري العربي السادس للإسكان، الذي يشهد مشاركة خبراء من أنحاء الوطن العربي. كما كانت القاهرة التاريخية ملتقى الحضارات، تصبح الدوحة اليوم نموذجاً للتطوير المعاصر الذي لا يتخلى عن جذوره. د. محمود التراثي، خبير في الحفاظ على التراث، يؤكد: الجمع بين التراث والحداثة معادلة صعبة نجحت فيها قطر، مشيراً إلى تجربة مشروع مشيرب الذي يمتد على مساحة 35 هكتاراً.
قد يعجبك أيضا :
أما على المستوى الشعبي، فتحكي فاطمة السكنية، مواطنة قطرية: مشروع مشيرب غير حياتنا وجعل المنطقة نابضة بالحياة، بينما يترقب المستثمرون العقاريون النتائج بشغف. سامي الاستثماري، مستثمر عقاري خليجي، يؤكد: هذه الشراكات تعني فرص ذهبية في السوق العمراني. التعاون المصري القطري يعد بتحسين جودة السكن والمرافق للمواطنين، وخلق فرص عمل جديدة في قطاعي العقارات والسياحة التراثية. الخبراء يتوقعون شراكة استراتيجية طويلة المدى قد تصبح نموذجاً يحتذى به عربياً، خاصة مع نجاح مصر في تطوير مناطق تراثية مثل حدائق تلال الفسطاط.
وبينما تتجه الأنظار نحو المستقبل، تبرز فرص استثمارية واعدة في القطاع العمراني، لكن التحدي يكمن في التوفيق بين التراث والحداثة والحاجة للتمويل الضخم. النموذج القطري يسير بسرعة، والمتأخرون عن الركب سيفوتون فرص ذهبية. هل ستنجح هذه الشراكة في إنتاج مدن نموذجية تحافظ على الهوية العربية وتواكب العصر؟ أم ستبقى مجرد وعود على أوراق المؤتمرات؟ الإجابة ستحددها الخطوات العملية القادمة والإرادة الحقيقية للتنفيذ.
