في تطور صادم يهز الاقتصاد العربي بأكمله، وصلت الفجوة بين أسعار صرف الريال اليمني إلى مستويات كارثية تقدر بـ 203% بين شطري البلاد، حيث يساوي الدولار الواحد 534 ريالاً في صنعاء مقابل 1630 ريالاً في عدن. هذا يعني أن كل دقيقة تمر تعني مزيداً من إفقار 30 مليون يمني في أسوأ انهيار عملة يشهده التاريخ الاقتصادي العربي الحديث.
أم أحمد، موظفة في عدن تبلغ من العمر 45 عاماً، تحكي مأساتها بصوت مختنق بالدموع: “راتبي الشهري لا يكفي الآن لشراء احتياجات أسبوع واحد… أشاهد أطفالي يتضورون جوعاً وأنا عاجزة”. المشهد في أسواق الصرافة يبدو كفيلم رعب اقتصادي: طوابير لا تنتهي من المواطنين يحملون أكياساً مليئة بأوراق النقد المهترئة، وصراخ التجار وهم يعلنون أسعاراً جديدة كل ساعة. الأرقام تكشف كارثة حقيقية: انهيار 96% من قيمة الريال منذ 2014، مما يعني أن ما كان يشتري 100 وحدة قبل الحرب لا يشتري الآن سوى 4 وحدات فقط.
قد يعجبك أيضا :
خلف هذا الانهيار المدمر تقف سنوات من الحرب الطاحنة وانقسام البنك المركزي إلى سلطتين منفصلتين تتنازعان السيطرة على السياسة النقدية. د. علي الحكيمي، الخبير الاقتصادي، يوضح بقلق بالغ: “نشهد أسوأ كارثة اقتصادية في تاريخ اليمن الحديث، والوضع أخطر من انهيار الليرة التركية والروبل الروسي مجتمعين”. توقف إنتاج النفط ونفاد الاحتياطيات النقدية جعل العملة تسقط سقوطاً حراً كانهيار جبل جليدي في المحيط المتجمد، بينما المضاربون يحققون أرباحاً خيالية من تهريب العملة بين المناطق المختلفة.
التأثير المباشر على الحياة اليومية أصبح كابوساً يعيشه كل يمني: ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 20% أسبوعياً، وعجز المواطنين عن شراء الدواء والطعام. سالم المغترب، 32 عاماً، يروي بحسرة: “توقفت عن إرسال التحويلات لأهلي بسبب التقلبات الجنونية… الأموال تتبخر قبل وصولها”. الخبراء الدوليون يحذرون من سيناريوهات كارثية تشمل مجاعة محتملة وانتفاضة شعبية، بينما تتصاعد المناشدات الإنسانية لتدخل عاجل قبل انهيار كامل للدولة. محلل البنك الدولي يؤكد بقلق: “الوضع قد يصل لنقطة اللاعودة خلال أشهر قليلة”.
قد يعجبك أيضا :
مع استمرار هذا السباق المحموم مع الزمن، تبقى الحاجة ملحة لتدخل دولي عاجل لتوحيد البنك المركزي ووقف النزيف الاقتصادي المدمر. الشعب اليمني يقف على حافة الهاوية، والعالم يراقب بصمت مأساة قد تكون الأولى من نوعها في القرن الحادي والعشرين. هل سيشهد العالم انهيار دولة كاملة اقتصادياً، أم ستأتي المعجزة لإنقاذ 30 مليون إنسان من براثن الجوع والفقر؟
