في تطور مذهل وسط دخان الحرب وظلال الحصار، تحدت العاصمة المؤقتة عدن كل التوقعات عندما احتضنت أكثر من 200 أكاديمي يمني في ورشة علمية طموحة لإعادة رسم مستقبل التعليم العالي. 16 سنة مرت على آخر تحديث لنظام الدراسات العليا – جيل كامل نشأ تحت قوانين قديمة، بينما العالم يتسارع نحو المستقبل والجامعات اليمنية تصارع للحاق بالركب.
في قلب هذه الثورة التعليمية الصامتة، كشف الدكتور خالد عمر باسلام وكيل وزارة التعليم العالي حقيقة صادمة: “رغم شح الإمكانات نتيجة الوضع الاقتصادي الراهن، نحن مصممون على مواكبة التطورات الحديثة والعمل بفاعلية أكبر.” هذه الكلمات تحمل وزن تحدٍ يفوق حجم الإمكانيات، حيث تواجه الجامعات اليمنية انخفاضاً يقدر بـ70% في التمويل الحكومي منذ بداية الحرب، بينما هاجر 40% من الأساتذة المؤهلين. لكن “أحمد محمد”، طالب الدكتوراه في الهندسة، يروي قصة مختلفة: “أجلت بحثي للسنة الثالثة بسبب نقص المعدات، لكن عندما سمعت عن هذه الورشة، عاد الأمل لقلبي.”
قد يعجبك أيضا :
تشبه هذه المحاولة الجريئة تجربة لبنان في تطوير التعليم أثناء حربه الأهلية، لكن التحدي اليمني أكبر وأعقد. منذ صدور قرار مجلس الوزراء رقم (40) لسنة 2008 بشأن نظام الدراسات العليا، انتظرت الجامعات اليمنية 16 عاماً كاملة للتحديث، وجاءت الحرب لتضيف طبقات جديدة من التعقيد. الدكتورة سوسن باخبيرة رئيس مجلس الاعتماد الأكاديمي، تؤكد بحماس واضح: “الجامعات اليمنية رغم الصعوبات المالية وقصور البنية التحتية، تحتوي على كوادر بحثية قادرة على إنجاز مهام تخدم التنمية.” خبراء التعليم يتوقعون أن “اليمن قادر على إنتاج نموذج تعليمي مقاوم للأزمات يمكن تصديره للعالم.”
قد يعجبك أيضا :
هذه الورشة ليست مجرد حدث أكاديمي، بل صرخة تحدٍ في وجه المستحيل. “سارة أحمد”، خريجة ماجستير حديثة، تصف بصوت مرتجف: “أنجزت بحثي وسط انقطاع الكهرباء والإنترنت، بينما أصوات القصف تهز نوافذ المكتبة.” كل طالب دراسات عليا من الـ300 ألف طالب في الجامعات اليمنية سيشعر بتأثير هذه القرارات على مستقبله المهني. الفرصة ذهبية، لكن النافذة الزمنية ضيقة – العامان القادمان سيحددان ما إذا كانت الجامعات اليمنية ستحصل على اعتراف دولي متجدد أم ستبقى معزولة أكاديمياً. بين متفائل يرى في الأزمة فرصة للإبداع، ومتشائم يخشى من تكرار فشل مبادرات سابقة، تتأرجح آمال جيل كامل من الباحثين.
قد يعجبك أيضا :
في غضون 48 ساعة فقط، رسم الأكاديميون اليمنيون خريطة طريق جريئة لمستقبل يحمل وعوداً كبيرة وتحديات أكبر. العامان القادمان سيكشفان الإجابة الحاسمة: هل ستنجح الإرادة اليمنية في تحويل محنة الحرب إلى منحة تعليمية تنافس العالم، أم ستبقى مجرد أحلام على ورق في أدراج منسية؟
