بعد 8 أشهر من الانتظار المؤلم، أضاءت شاشات الهواتف في منازل 400,000 موظف يمني برسائل طال انتظارها، معلنة وصول رواتب شهر أكتوبر أخيراً. للمرة الأولى منذ بداية العام, ترن الهواتف برسائل تحويل الرواتب في 7 محافظات فقط من أصل 22 محافظة يمنية، والساعات القادمة حاسمة لاكتمال عملية الصرف التي قد تغير حياة مئات الآلاف من العائلات.
تشهد محافظات عدن وأبين ولحج وتعز والحديدة والضالع وشبوة موجة فرح مختلطة بالحذر, حيث بدأ البنك المركزي اليمني تحويل التعزيزات المالية لموظفي القطاع المدني. أحمد محمد، معلم من تعز يبلغ 45 عاماً ويعيل 6 أفراد، يصف اللحظة: “ارتجفت يداي عندما رأيت الرسالة، لم أصدق أن الراتب وصل بعد 8 أشهر من المعاناة”. فاطمة علي، ممرضة من عدن، تضيف بدموع الفرح: “أول ما فعلته أن اتصلت بالبقالة لأشتري حليباً لأطفالي”.
قد يعجبك أيضا :
هذا الإنجاز يأتي بعد سنوات مريرة من التأخير منذ اندلاع الحرب في 2015، حين كانت الرواتب تُصرف بانتظام. انقسام المؤسسات ونقص السيولة وضغوط الحرب المستمرة حولت صرف الراتب من حق أساسي إلى “معجزة شهرية مفقودة”. د. عبدالله الشامي، خبير اقتصادي، يحذر: “هذه خطوة إيجابية لكن 35% فقط من محافظات اليمن شملها الصرف، ونحتاج حلولاً مستدامة وليس إسعافات أولية”. مقارنة بحجم الأزمة، فإن هذا الصرف يشبه قطرات المطر الأولى بعد صيف قاسي.
على أرض الواقع, تشهد البنوك وماكينات الصراف طوابير غير مسبوقة، بينما تنتشر رائحة الفرح في البيوت التي طالما خيم عليها القلق. التأثير الفوري واضح: زيادة الحركة التجارية وعودة بعض العائلات لشراء الأساسيات المؤجلة منذ شهور. لكن التحدي الأكبر يكمن في ضمان استمرارية هذا الصرف وتوسيعه ليشمل المحافظات الـ15 المحرومة. د. محمد العامري، محافظ البنك المركزي، نجح في تأمين السيولة لهذه الدفعة، لكن المستقبل يحمل علامات استفهام كبيرة حول استدامة الحل دون دعم دولي حقيقي.
قد يعجبك أيضا :
بينما تحتفل 7 محافظات بهذا الفرج المؤقت، تبقى المحافظات الأخرى في انتظار مؤلم، والسؤال الجوهري يبقى معلقاً في سماء اليمن: هل ستكون هذه بداية عودة الحياة لطبيعتها، أم مجرد هدنة قصيرة في معركة طويلة ضد الفقر؟ الساعات والأيام القادمة ستحمل الإجابة، وعلى الموظفين المحظوظين استثمار هذه الفرصة بحكمة، لأن التاريخ علمهم أن الغد في اليمن مليء بالمفاجآت.
