في تطور مذهل يعيد رسم خريطة التمويل الإسلامي في اليمن، شهدت محافظة المهرة النائية لحظة تاريخية لم تشهدها منذ عقدين كاملين، حيث افتتح بنك القطيبي الإسلامي فرعه الجديد في مديرية شحن، محققاً حلماً طال انتظاره لآلاف المواطنين الذين عانوا طويلاً من غياب الخدمات المصرفية الحديثة. الأرقام تتحدث عن نفسها: محافظة بحجم دولة كاملة تحصل أخيراً على فرع مصرفي متطور يحمل شهادة الجودة العالمية ISO 9001:2015.
في مشهد احتفالي مهيب تجمع فيه نخبة من المسؤولين وقيادات القطاع المصرفي، قطع الشريط الأستاذ عبدالسلام الوردي، الرئيس التنفيذي للبنك، معلناً بدء عهد جديد من الشمول المالي في شرق اليمن. أحمد المهري، التاجر الأربعيني الذي عانى لسنوات من صعوبة الحصول على تمويل لتوسيع محله التجاري، لا يخفي دموع الفرح: “انتظرت 20 عاماً لأرى هذا اليوم، اليوم أستطيع أخيراً تحويل أحلامي إلى حقيقة.” النافذة الذهبية مفتوحة الآن أمام مئات رواد الأعمال الذين يترقبون بداية جديدة.
قد يعجبك أيضا :
كنافذة ضوء في نفق مظلم دام عقدين، جاء هذا الافتتاح ليكسر حاجز العزلة المصرفية التي عاشتها المنطقة طيلة السنوات الماضية. الخلفية وراء هذا القرار التاريخي تكمن في النمو الاقتصادي المتسارع والحركة التجارية المتزايدة التي تشهدها المديرية، مما دفع إدارة البنك لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة. “مثل وصول أول طريق معبد لقرية نائية، وصل التطور المصرفي أخيراً لشحن”، هكذا علق د. محمد القطيبي، خبير الشمول المالي، مؤكداً أن هذه اللحظة تمثل نقطة تحول في تاريخ المنطقة الاقتصادي.
لكن الثورة الحقيقية تكمن في التفاصيل: مجموعة متكاملة من الخدمات المصرفية تشمل التمويل الإسلامي المتوافق مع الشريعة، بطاقات ماستر كارد، والحلول الرقمية المتطورة. فاطمة سالم، الريادية الشابة التي تحلم بإنشاء مشروع لتصنيع العسل المحلي، تقف أمام المبنى العصري اللامع وسط البيوت التقليدية وتهمس بإثارة: “أخيراً سأحصل على التمويل اللازم لتحويل حلمي إلى إمبراطورية صغيرة.” السيناريو الأفضل يرسم مستقبلاً واعداً: نجاح هذا الفرع قد يؤدي إلى تحول المهرة لمركز اقتصادي يجذب استثمارات خارجية ويفتح آفاقاً جديدة للنمو.
قد يعجبك أيضا :
بينما تتجه أنظار الخبراء نحو المستقبل، تبقى اللحظة الحالية محملة بالفرص الذهبية لكل من يريد الاستفادة من هذا التطور النوعي. البنك يواصل استراتيجيته التوسعية بهدف افتتاح المزيد من الفروع في المحافظات والمناطق المحررة، مع تعزيز الخدمات الرقمية التي تتسم بالمرونة والموثوقية. هل ستكون محافظة المهرة فعلاً النموذج الذي يُحتذى به للتحول الاقتصادي في المناطق النائية، أم أن هذا مجرد بداية لثورة مصرفية شاملة تعيد تشكيل خريطة اليمن الاقتصادية؟
