في تطور اقتصادي صادم يفوق كل التوقعات، 983,500 ريال يمني – هذا ما يخسره كل مواطن في عدن مقابل كل جنيه ذهب يشتريه مقارنة بنظيره في صنعاء. في نفس البلد، نفس اليوم، جرام الذهب الواحد يُباع بثلاثة أضعاف السعر! الفجوة الجنونية التي وصلت إلى 195% تتسع كل ساعة، والمواطن البسيط يدفع ثمناً باهظاً لانقسام لا يفهم أسبابه.
الأرقام الصادرة صباح السبت 13 ديسمبر تكشف مأساة اقتصادية حقيقية: جنيه الذهب يُباع في صنعاء بـ 504 آلاف ريال، بينما يصل سعره في عدن إلى مليون و487 ألف ريال. أم محمد، 45 عاماً من عدن، تقف أمام محل الذهب وعيناها تذرفان الدموع: “كنت أحلم بشراء طقم ذهب لابنتي العروس، اكتشفت أن نفس الطقم يكلف في صنعاء ثلث ما يُطلب مني هنا”. بينما يبتسم علي التاجر من صنعاء وهو يحسب أرباحه الخيالية: “أصبحت رحلة واحدة إلى عدن تحقق لي ما كنت أكسبه في عام كامل”.
قد يعجبك أيضا :
جذور هذه الكارثة الاقتصادية تعود إلى انقسام البنك المركزي اليمني منذ 2015، حيث أدت الحرب والحصار الاقتصادي إلى ظهور نظامين نقديين منفصلين تماماً. د. أحمد الخبير الاقتصادي يؤكد أن “هذا الانقسام أسوأ من أزمة الكساد العظيم عام 1929، لأننا نشهد انقساماً جغرافياً واقتصادياً في آن واحد”. الخبراء يتوقعون أن الوضع قد يزداد سوءاً قبل أن يتحسن، خاصة مع استمرار عدم الاستقرار السياسي.
المواطن البسيط يعيش يومياً مع هذا الواقع المرير. سالم، موظف بسيط من عدن، يقول بمرارة: “أصبح الذهب حلماً بعيد المنال بالنسبة لنا، راتب شهر كامل لا يكفي لشراء جرام واحد”. العرائس في الجنوب يتزوجن بلا ذهب، بينما المدخرات تتآكل يومياً أمام التضخم الجنوني. في المقابل، ظهرت سوق سوداء ضخمة للذهب، حيث يحقق المهربون أرباحاً تصل إلى 200% من رحلة واحدة، رغم المخاطر الأمنية الهائلة.
قد يعجبك أيضا :
فجوة 195% تقسم اليمن اقتصادياً إلى دولتين، وتحول حلم الوحدة النقدية إلى كابوس يومي. مع استمرار الانقسام السياسي، يبدو المصير الاقتصادي للبلاد مجهولاً، والحاجة ملحة للتدخل الدولي لوقف هذا النزيف الاقتصادي. السؤال المؤلم يبقى: إلى متى سيحتمل المواطن اليمني هذه المعاناة الاقتصادية التي تحول الذهب من رمز للفرح إلى مؤشر على عمق المأساة؟
