في تطور مثير للدهشة، حقق الريال اليمني استقراراً نادراً لم يشهده منذ شهور طويلة، لكن المفارقة الصادمة تكمن في أن الدولار الواحد يُباع بثلاثة أسعار مختلفة داخل البلد الواحد! ففيما يصل سعر الدولار إلى 1632 ريالاً في عدن، لا يتجاوز 536 ريالاً في صنعاء – فارق يقدر بـ203% يكشف عمق الانقسام الاقتصادي الذي يعيشه اليمن.
“لأول مرة منذ أشهر طويلة، استيقظت دون قلق من انهيار جديد في قيمة أموالي”، تقول فاطمة التاجرة، صاحبة محل في عدن، وهي تتصفح أسعار الصرف على شاشة محلها بارتياح نسبي. هذا الاستقرار المؤقت جاء نتيجة الجهود المكثفة التي يبذلها البنك المركزي في عدن لضبط المضاربات وتقليل التقلبات العنيفة التي اعتاد عليها السوق اليمني.
قد يعجبك أيضا :
لكن وراء هذا الهدوء النسبي تكمن قصة أعمق تحكي انقسام بلد بأكمله حتى في عملته الوطنية، حيث يدير البنك المركزي في عدن سياسة نقدية مختلفة تماماً عن تلك المطبقة في صنعاء منذ عام 2014. هذا الانقسام المصرفي، الذي يشبه إلى حد كبير انقسام ألمانيا الشرقية والغربية وعملاتهما المختلفة، خلق واقعاً اقتصادياً معقداً يجعل من اليمن كأنه بلدان في عملة واحدة.
التأثير لا يقتصر على الأرقام فحسب، بل يمتد إلى حياة ملايين اليمنيين الذين يعيشون في قلق دائم من تقلبات العملة. أحمد الحضرمي، تاجر من سيئون، يروي معاناته: “عندما أشتري بضاعة من عدن وأبيعها في مناطق أخرى، أحتاج لحاسبة خاصة لفهم فروق الأسعار المعقدة”. هذا الاستقرار المؤقت يمنح أملاً في إمكانية التخطيط المالي، لكن الخبراء يحذرون من أن هذا الهدوء قد يكون مجرد “هدنة قبل العاصفة”.
قد يعجبك أيضا :
رغم هذا التحسن النسبي، تبقى التحديات كبيرة والمستقبل محفوفاً بالمخاطر. فالاستقرار في سوق العملة يحتاج إلى استقرار سياسي أوسع، وهو ما يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي. السؤال الذي يطرح نفسه: في بلد منقسم سياسياً منذ سنوات، هل يمكن للعملة الوطنية أن تستعيد وحدتها وقوتها؟ الإجابة قد تحدد مصير ملايين اليمنيين الذين ينتظرون بصبر نفاد عودة الاستقرار إلى حياتهم المالية.
