في صدمة تعيد تعريف معنى الأزمة الاقتصادية، سجلت أسعار الصرف في اليمن فجوة مرعبة تتجاوز 1087.5 ريال يمني للدولار الواحد بين عدن وصنعاء، في أكبر تفاوت نقدي يشهده بلد واحد في التاريخ الحديث. كل دقيقة تأخير في اتخاذ قرار مالي قد تكلفك ثروة كاملة – والخبراء يحذرون من انهيار وشيك للنظام النقدي برمته.
الأرقام الصادمة تكشف واقعاً مرعباً: الدولار الأمريكي يُباع بـ 1625 ريال يمني في عدن مقابل 537.5 ريال فقط في صنعاء – فارق يزيد عن 300% يجعل المدينتين وكأنهما في قارتين مختلفتين. أحمد السالمي، موظف حكومي في صنعاء، يروي مأساته: “راتبي الشهري 100 ألف ريال لا يشتري سوى وجبة غداء واحدة في عدن… أشعر وكأنني أعيش في كوكب آخر.” سالم الصبري، صراف في عدن، يشهد يومياً على هذه المأساة: “أرى الصدمة والذعر في عيون كل عميل يكتشف الأسعار الحقيقية.”
قد يعجبك أيضا :
خلف هذا الانهيار المدوي تقف أكثر من عشر سنوات من الحرب التي مزقت ليس فقط جغرافية البلد بل اقتصاده أيضاً. انقسام البنك المركزي اليمني إلى فرعين متناحرين خلق واقعاً يشبه ألمانيا المقسمة، لكن التقسيم هنا نقدي واقتصادي داخل الحدود ذاتها. د. محمد العريقي، خبير الاقتصاد، يقرع ناقوس الخطر: “هذا التفاوت الجنوني لم يشهده العالم من قبل… إنه انهيار منظم للنظام النقدي يحدث على مرأى ومسمع من العالم.”
المأساة لا تقف عند الأرقام بل تمتد لتدمير حياة ملايين اليمنيين. الأسر المنقسمة بين الشمال والجنوب تجد نفسها عاجزة عن إرسال المساعدات، والتجار يواجهون استحالة حقيقية في ممارسة التجارة بين المناطق. فاطمة الحضرمية، التي تمكنت من استغلال فارق الأسعار، تحكي: “نجحت في تحقيق أرباح من المضاربة، لكن قلبي ينفطر لرؤية معاناة الناس العاديين.” الخبراء يتوقعون سيناريوهات أكثر قتامة: انقسام نقدي دائم وظهور اقتصادين منفصلين تماماً.
قد يعجبك أيضا :
بينما يغرق اليمن في دوامة الانهيار الاقتصادي، يبقى السؤال المصيري معلقاً في الهواء مثل سيف مسلط على رقاب الملايين: كم من الوقت يحتاج اقتصاد ليموت كلياً؟ اليمن يجيب على هذا السؤال يومياً، والعالم يشهد ولادة نموذج جديد للكارثة الاقتصادية. الوقت ينفد سريعاً، والحلول تبدو أبعد من أي وقت مضى.
