600 جنيه… هذا ما فقده كل جرام من ذهبك خلال 30 يوماً فقط! بينما تقرأ هذه السطور، قرار واحد من مكتب في واشنطن يحدد مصير مدخرات ملايين المصريين. الساعات القادمة حاسمة والبيانات الأمريكية الجديدة قد تقلب الطاولة مرة أخرى، فيما يشهد عيار 21 الأشهر في مصر ثباتاً مؤقتاً عند 5790 جنيه وسط تحذيرات من عاصفة قادمة.
في ثبات مؤقت يخفي وراءه توتراً عارماً، حافظت أسعار الذهب في محلات الصاغة المصرية على استقرارها مع مستهل تعاملات الجمعة، بعد يوم عاصف شهد ارتفاعاً بـ40 جنيهاً للجرام الواحد. سجل الجنيه الذهب رقماً تاريخياً عند 46 ألف جنيه، فيما وصل عيار 21 الأشهر انتشاراً إلى 5790 جنيه للشراء. “البنك لا يزال بإمكانه خفض الفائدة وسط تباطؤ سوق العمل” – هكذا صرح كريستوفر والر، محافظ الفدرالي الأمريكي، في تصريحات قد تعيد رسم خريطة أسعار المعدن الأصفر عالمياً. أما أحمد محمد، الموظف الحكومي البالغ 45 عاماً، فيروي قصته المؤلمة: “اشتريت 50 جرام ذهب لابنتي قبل شهر، والآن فقدت 30 ألف جنيه من استثماري.”
قد يعجبك أيضا :
خلف هذا الهدوء الظاهري تختبئ حقيقة مدمرة: شهر كامل من التذبذبات العنيفة أفقد كل جرام ذهب 600 جنيه من قيمته، في مشهد يذكرنا بانهيار أسواق الذهب عام 2008 لكن بوتيرة أسرع وأكثر وحشية. تضافرت عوامل عديدة لتخلق هذا التسونامي الاقتصادي: قوة الدولار الأمريكي الذي لامس أعلى مستوى في أسبوع، وبيانات البطالة الأمريكية المخيبة التي سجلت 4.6% متجاوزة التوقعات، وإشارات الفدرالي المتضاربة وسط ترقب عودة ترامب للسلطة. خبراء الاقتصاد منقسمون بين متفائل يراهن على ارتفاع تدريجي مع انخفاض محتمل للفوائد الأمريكية، ومتشائم يحذر من انهيار إضافي إذا واصل الدولار قوته.
قد يعجبك أيضا :
في شوارع القاهرة والإسكندرية، تعيش الأسر المصرية قلقاً حقيقياً وهي تعيد حساباتها لمدخرات الزواج والمناسبات الهامة. حفلات الزفاف تشهد تأجيلاً واضحاً لقرارات شراء الذهب، والأمهات يؤجلن شراء “دبل الخطوبة” انتظاراً لوضوح الرؤية. عم محمود، الصائغ في خان الخليلي، يلخص الوضع ببساطة: “في 40 سنة شغل ما شفتش تذبذب زي ده، الناس خايفة تشتري.” وعلى النقيض، تمكنت سارة إبراهيم، ربة المنزل البالغة 38 عاماً، من إنقاذ عائلتها من خسارة 45 ألف جنيه بعد أن باعت ذهبها قبل الانهيار بأسبوع واحد. الخبراء يحذرون من استمرار هذا التذبذب لأسابيع قادمة، مع كل بيان اقتصادي جديد من واشنطن يحمل إما الأمل أو الكابوس لملايين المستثمرين المصريين.
قد يعجبك أيضا :
الأسابيع القادمة ستحددها قرارات واشنطن أكثر من أي عامل محلي، في مشهد يعكس مدى تأثر الاقتصادات الناشئة بأدق التحركات الأمريكية. د. محمود الشامي، خبير الاقتصاد، ينصح المستثمرين بمراقبة البيانات الأمريكية وتنويع محافظهم، محذراً من وضع كل البيض في سلة واحدة. هل ستكون الضربة القادمة أقوى… أم أن الهدوء الحالي مجرد نذير لعاصفة أكبر؟
