في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، سجلت أسعار الخضروات والفواكه في عدن أرقاماً قياسية مذهلة، حيث وصل سعر كيلو البصل إلى 8000 ريال – رقم يفوق راتب يوم كامل لموظف بسيط. هذا التباين الجنوني في الأسعار، الذي يصل إلى 700% بين السلع، يهدد آلاف الأسر بأزمة غذائية حقيقية. الأزمة لم تعد قادمة… إنها هنا، على موائد اليمنيين.
شهدت أسواق العاصمة عدن يوم الجمعة مشهداً مؤلماً: فاطمة أحمد، أم لثلاثة أطفال تحاول تدبير ميزانية الطعام بـ 30 ألف ريال شهرياً، تقف أمام أكوام الخضروات بوجه قلق تحسب كل ريال. “لم نعد نقدر على شراء البصل، أصبح كالكماليات,” تقول بصوت مكسور وهي تمسك بورقة صغيرة مكتوب عليها ميزانيتها اليومية. التفاح والبرتقال قفزا لـ 5000 ريال للكيلو، بينما البامية والرمان وصلا لـ 4000 ريال، في مقابل استقرار نسبي للطماطم والبطاطس عند 1000 ريال.
قد يعجبك أيضا :
وراء هذه الأرقام المفزعة تقف أزمات متراكمة تضرب الاقتصاد اليمني في مقتل. تقلبات أسعار الصرف وأزمة الوقود المستمرة رفعت تكاليف النقل إلى مستويات خيالية، بينما تواصل الأزمة السياسية إلقاء ظلالها على الاستيراد والإنتاج المحلي. د. أحمد الحضرمي، خبير اقتصادي، يحذر: “ما نشهده اليوم هو انهيار تدريجي للقدرة الشرائية، والفجوة السعرية التي نراها تنذر بكارثة غذائية حقيقية.” مقارنة بأسعار ما قبل الأزمة، ارتفعت تكلفة السلة الغذائية الأساسية بنسبة تتجاوز 400%.
في بيوت عدن، تعيد الأسر حساباتها بطريقة مؤلمة. علي حسن، مواطن يتسوق يومياً، يصف الوضع: “أصبحت أحسب ثمن كل حبة طماطم، وابنتي تسألني لماذا لم نعد نأكل التفاح.” شراء كيلو واحد من كل صنف في السوق اليوم يكلف 43,900 ريال – مبلغ يفوق راتب الكثير من الموظفين. النتيجة؟ أسر كاملة تتخلى عن التنويع الغذائي، وأطفال يفقدون العناصر الغذائية الأساسية. الخبراء يحذرون من تفاقم سوء التغذية، خاصة بين الأطفال والحوامل، في مشهد ينذر بجيل كامل يدفع ثمن هذه الأزمة الطاحنة.
قد يعجبك أيضا :
أمام هذا الواقع المرير، تبرز الحاجة الماسة لحلول عاجلة تنقذ ما يمكن إنقاذه. تطوير الزراعة المحلية وإيجاد بدائل أرخص أصبح ضرورة حتمية، بينما تتطلع العيون للجهات المختصة لتدخل سريع ينقذ آلاف الأسر من براثن الجوع. السؤال الذي يؤرق الجميع: كم من الوقت يمكن للأسر اليمنية تحمل هذا الوضع قبل أن تنهار المنظومة الغذائية بالكامل؟
