1000 ريال يمني! هذا ما يخسره كل دولار واحد عند السفر من صنعاء إلى عدن في مشهد لم يشهده اليمن من قبل. في نفس البلد، بنفس العملة، تتسع الفجوة السعرية إلى مستويات صادمة تصل لـ 300%، تاركة ملايين اليمنيين في مأزق اقتصادي حقيقي. كل دقيقة تأخير في مواجهة هذه الكارثة تعني مزيداً من تآكل القوة الشرائية للمواطنين.
صدمة حقيقية اجتاحت أسواق الصرافة صباح السبت حين كشفت الأسعار الجديدة عن أرقام محطمة لكل التوقعات: الدولار الأميركي يباع بـ 1618-1633 ريالاً في عدن، بينما لا يتجاوز 535-540 ريالاً في صنعاء. “الوضع خارج عن السيطرة تماماً،” يقول محمد العولقي، صراف من عدن، وهو يشاهد طوابير المواطنين المذهولين أمام محله. فاطمة الحضرمي، تاجرة من عدن، تصف المشهد: “أرى الخوف في عيون الناس، يحملون أكياساً مليئة بالأوراق النقدية المهترئة ويسألون عن أسعار تتغير كل ساعة.”
قد يعجبك أيضا :
لم تكن هذه المأساة وليدة اليوم، بل نتيجة تراكمات مدمرة منذ انقسام البنك المركزي اليمني عام 2016. الحرب الأهلية، نقص العملة الصعبة، وتعدد السلطات النقدية خلقت واقعاً يشبه انقسام ألمانيا اقتصادياً، لكن بوضع أكثر تعقيداً وإيلاماً. د. علي الأشول، خبير اقتصادي، يحذر من كارثة اقتصادية وشيكة: “نشهد انهياراً مؤسسياً للنظام النقدي، والأسوأ لم يأت بعد.” الأرقام تتحدث عن نفسها: الريال اليمني فقد أكثر من 80% من قيمته منذ 2015.
في منزلها بصنعاء، تحسب أم أحمد تكلفة شراء كيلو لحم واحد: “أحتاج الآن 1600 ريال إضافي مقارنة بالعام الماضي، راتب زوجي لا يكفي لأسبوع.” هذا المشهد يتكرر في آلاف المنازل اليمنية. أحمد المحمدي، موظف حكومي من صنعاء، يروي معاناته: “راتبي يذوب كالثلج، كل شهر قيمته أقل، وكأنني أعمل مجاناً.” الخبراء يتوقعون موجة جديدة من الهجرة الداخلية نحو المناطق ذات العملة الأقوى، بينما ينصحون المواطنين بتجنب الادخار بالريال اليمني تماماً.
قد يعجبك أيضا :
عملة واحدة، بلد واحد، لكن ثلاثة أضعاف الفارق في القيمة – هذا هو الواقع المأساوي الذي يعيشه اليمن اليوم. هل سيشهد البلد تقسيماً نقدياً دائماً؟ الوقت ينفد أمام صناع القرار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اقتصاد منهار. السؤال الحقيقي: متى ستكون النقطة التي لا عودة منها في الانهيار الاقتصادي اليمني؟
