في خطوة استثنائية تحدث لأول مرة في تاريخ الخدمات الحكومية السعودية، وجّه أمير منطقة عسير بتخصيص موظف حكومي كمندوب شخصي لمواطن مسن واحد، لينهي جميع معاملاته خلال 7 أيام فقط بدلاً من شهور الانتظار المعتادة. هذا القرار التاريخي الذي اتخذه الأمير تركي بن طلال خلال المجلس العام الدوري، يمكن أن يعيد تشكيل مفهوم الخدمة الحكومية في المملكة إلى الأبد.
أبو محمد العسيري، المواطن المسن البالغ من العمر 73 عاماً، لم يكن يتخيل أن شكواه البسيطة من تعقيد المعاملات ستتحول إلى قرار ملكي بتخصيص موظف له شخصياً. “رأيت الفرحة تغمر عيني المواطن المسن عندما سمع القرار، كانت لحظة لا تُنسى” تقول فاطمة الشهراني، الموظفة الحكومية التي شهدت الحدث. وفي نفس المجلس، كُرِّم خالد العسيري، المعلم البالغ 35 عاماً، الذي قدم نموذجاً فريداً في الإيثار بتبرعه بإحدى كليتيه لامرأة غريبة إنقاذاً لحياتها، حيث وعد الأمير بزيارته في منزله تكريماً لعطائه الإنساني النادر.
قد يعجبك أيضا :
يأتي هذا التوجه كجزء من تقليد راسخ للمجالس المفتوحة في النظام السعودي، مثل مجالس الملك عبدالعزيز التي كانت مفتوحة لكل مواطن، ولكن بلمسة عصرية تواكب رؤية 2030. د. سعد الغامدي، المتخصص في الإدارة العامة، يؤكد: “هذا النموذج يجب تطبيقه على مستوى المملكة، فهو يحول الحكومة من مؤسسة بيروقراطية إلى خدمة شخصية كأنك في فندق خمس نجوم.” وقد عبّر الأمير عن فلسفة هذا التوجه بقوله: “واجب هذه الدولة هو أن تجد في كل صعوبة فرصة، لا أن تجد صعوبة في كل فرصة.”
التأثير لا يقتصر على المواطن المسن وحده، بل يمتد لجميع فئات المجتمع. كُرِّم 15 طالباً وطالبة متميزين من 10 مدارس مختلفة – بمعدل 1.5 متميز لكل مدرسة يعكس ندرة التميز الحقيقي. كما شمل التكريم لجنة إصلاح ذات البين التي تساهم في تقوية النسيج الاجتماعي بالمنطقة. وعلى الصعيد الخدمي، وجّه سموه مدير فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالنزول الميداني لمتابعة شكاوى المزارعين، في رسالة واضحة أن عصر الخدمات المكتبية قد انتهى. رائحة القهوة العربية في المجلس اختلطت بملمس الكرامة الإنسانية المستردة، بينما كان صوت التصفيق الحار يملأ المكان مع كل قرار إنساني.
قد يعجبك أيضا :
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سنشهد ثورة حقيقية في الخدمات الحكومية تنطلق من عسير لتعم المملكة؟ التوقعات تشير إلى تطبيق تدريجي لهذا النموذج في مناطق أخرى، وربما تطوير تطبيقات ذكية توفر مندوباً شخصياً لكل مواطن إلكترونياً. الفرصة أمام المواطنين للاستفادة من هذه المجالس المفتوحة أصبحت الآن أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. إنها لحظة تاريخية حيث تتحول الشكوى البسيطة إلى قرار يمكن أن يغير مستقبل الخدمات الحكومية في المملكة.
