في تطور صادم يكشف حقيقة مرعبة، يشهد اليمن فجوة نقدية تاريخية تصل إلى 203% في سعر صرف الدولار الواحد بين مناطق البلد المختلفة. نفس المبلغ النقدي يشتري ثلاث كميات مختلفة من السلع حسب المنطقة التي تقف فيها، في مشهد لم تشهده عملة وطنية من قبل. كل دقيقة تأخير في فهم هذا الوضع الكارثي تكلف المحولين والمواطنين آلاف الريالات من مدخراتهم.
حافظ الريال اليمني على استقرار مؤقت وسط فوضى مدمرة في أسعار الصرف يوم السبت 20 ديسمبر، حيث سجل الدولار الأمريكي في عدن 1617 ريالاً مقابل 534 ريالاً فقط في صنعاء – فارق يفوق الخيال ويساوي راتب موظف لمدة شهرين كاملين. أحمد المحولي، 35 عاماً، يصف معاناته: “أحول راتباً لعائلتي في صنعاء وأخسر ثلثي القيمة بسبب هذا الفارق الجنوني. كيف يعقل أن تكون لدينا ثلاث عملات في بلد واحد؟” الخبراء يؤكدون أن تدخل البنك المركزي في عدن نجح جزئياً في ضبط المضاربات، لكن الفجوة الكارثية تبقى تهدد النسيج الاقتصادي للبلد.
قد يعجبك أيضا :
يعود سبب هذا الانقسام النقدي المدمر إلى تقسيم اليمن اقتصادياً منذ سنوات الحرب، حيث تتبع كل منطقة سياسات نقدية متضاربة في صراع مستمر على السيطرة. د. فاطمة الإرياني، المحللة النقدية المتخصصة، تحذر: “نشهد حالة مماثلة لألمانيا الشرقية والغربية، لكن الفارق هنا أكبر وأخطر على حياة الملايين“. كما في البلدان المقسمة تاريخياً, يواجه اليمن خطر الانقسام الاقتصادي الدائم إذا لم تُوجد حلول عاجلة لتوحيد السياسات النقدية وإنهاء هذه الأزمة التي تهدد الوحدة الوطنية ذاتها.
المعاناة اليومية لملايين اليمنيين تتضاعف مع كل محاولة لتحويل أموال أو شراء سلع مستوردة. خالد التاجر، 42 عاماً، يصف كيف “غيّر فارق الصرف الجنوني استراتيجية تجارتي بالكامل، وأصبحت أخطط لرحلات بين المحافظات فقط لاستغلال فروق الأسعار”. بينما تواجه العائلات اليمنية واقعاً مريراً حيث تفقد نصف قوتها الشرائية بسبب المنطقة التي تعيش فيها. النتائج المتوقعة تشير إلى تعميق الأزمة الإنسانية، بينما يجد المضاربون فرصاً ذهبية على حساب معاناة الشعب. ضجيج المفاوضات في محلات الصرافة وطوابير المواطنين القلقين تحكي قصة اقتصاد ينهار على رؤوس أصحابه.
قد يعجبك أيضا :
يبقى السؤال الأهم: هل سيصمد الريال اليمني أم أن الانهيار الكامل قادم لا محالة؟ مصير العملة اليمنية والاقتصاد الوطني يتوقف على إيجاد حلول سياسية عاجلة قبل أن تتحول الفجوة النقدية الحالية إلى انقسام اقتصادي دائم. الوقت ينفد، والملايين ينتظرون قرارات حاسمة قد تنقذ ما تبقى من اقتصادهم المنهار. هل ستتحرك السلطات قبل فوات الأوان؟
