أزمة القدوة في العصر الرقمي تهدد وعي الأجيال وسلّم القيم

أزمة القدوة في العصر الرقمي تهدد وعي الأجيال وسلّم القيم

أكد خالد شلتوت، الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن منصات التواصل الاجتماعي في عصرنا الحالي غيرت موازين التأثير والقدوة، حيث أصبحت الشهرة تُقاس بعدد المتابعين والمشاهدات والإعجابات، لا بوزن القيم أو جودة العطاء.

وأوضح خلال حلقة برنامج “فكر”، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن هذه التحولات أفرزت أزمة قدوة يعيشها جيل كامل يتعرض يوميًا لسيل من النماذج المتناقضة، في ظل تراجع حضور العلماء والمفكرين والمربين، مقابل تصدر قدوات غريبة على عادات المجتمع وقيمه.

وأضاف الباحث بمرصد الأزهر أن خطورة هذه الأزمة تكمن في تغيير سلم القيم؛ فبدلًا من أن يكون النجاح مرتبطًا بالعلم والاجتهاد والخلق، أصبح مرتبطًا بالانتشار الرقمي وتحقيق الترند. واستشهد بحديث النبي ﷺ: “من أشراط الساعة أن يذهب العلم ويظهر الجهل”، موضحًا أن ما نراه اليوم من تقدم أهل الجهل على أهل العلم في ساحات التأثير هو انعكاس مباشر لهذه الظاهرة.

وأشار شلتوت إلى أن من أبرز الآثار السلبية لهذا الواقع: اضطراب الهوية لدى الشباب نتيجة غياب النماذج الحقيقية، وانتشار السلوكيات السلبية التي يروج لها بعض المشاهير عبر أنماط حياة قائمة على اللهو والاستهلاك، فضلًا عن تراجع دور القيم مع تحوّل الشهرة إلى غاية بحد ذاتها، بغض النظر عن المحتوى أو الرسالة.

وأكد على أن الإسلام جعل القدوة ركيزة أساسية في بناء الإنسان، مستشهدًا بقوله تعالى: “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة”.

وأوضح أن القدوة لا تقتصر على العلماء أو الأنبياء، بل يمكن أن تتمثل في كل من يعمل بإخلاص وإتقان ويترك أثرًا نافعًا في مجتمعه، سواء كان طبيبًا أو معلمًا أو باحثًا.

كما شدد على دور الأسرة والمدرسة والإعلام الإيجابي في ترسيخ القدوات الصالحة التي تجمع بين الشهرة والقيمة، لبناء أجيال راسخة الهوية قادرة على مواجهة التحديات.