أصدر مجلس الشباب المصري تقريره الختامي عن اليوم الثاني من جولة الإعادة للمرحلة الأولى في الدوائر التي تم إلغاء نتائجها بقرار من الهيئة الوطنية للانتخابات، إضافة إلى دائرة أطسا بمحافظة الفيوم.
وجاء التقرير بعد متابعة ميدانية لغرفة العمليات المركزية وفروع المجلس في المحافظات، إلى جانب فرق الرصد الإلكتروني، لضمان توثيق كل مظاهر السلوك الانتخابي الإيجابي أو المخالف للمعايير.
وتأتي هذه الجهود في إطار الدور الرقابي المجتمعي المكفول بالقانون، والذي يشكل أحد أهم ضمانات تعزيز الشفافية وترسيخ الحق في المشاركة السياسية باعتباره أصلًا دستوريًا لا يجوز المساس به.
وأكد المجلس أن الساعات الأخيرة من يوم التصويت الثانى شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في نسب المشاركة، خاصة بعد انتهاء ساعة الراحة وبداية الفترة المسائية من الساعة الخامسة وحتى التاسعة مساءً، حيث ظهرت كثافات واضحة في عدد من اللجان داخل المحافظات الريفية والحضرية. ولاحظ متابعو المجلس تصاعدًا في مشاركة النساء والشباب مقارنة باليوم الأول، إلى جانب حضور كبير لكبار السن، وهو ما يعكس ـ وفق التقرير ـ “عودة تدريجية لثقة قطاعات واسعة من المواطنين في أهمية ممارسة حقهم الدستوري في المشاركة السياسية”.
وأشار المجلس، من واقع خبرته الحقوقية، إلى أن أنماط المشاركة المتزايدة في الساعات الأخيرة تعد مؤشرًا ثابتًا في الممارسات الانتخابية، غالبًا ما يرتبط بارتفاع الوعي وتوافر بيئة تصويت ميسّرة، وهو ما يفرض على الجهات المعنية ضرورة الحفاظ على مناخ آمن ومحايد داخل محيط اللجان
ورغم الإيجابيات، رصد المجلس عددًا من المخالفات التي تباينت حدتها من دائرة إلى أخرى، أبرزها محاولات شراء الأصوات وتقديم حوافز مالية أو عينية للتأثير على توجهات الناخبين. وتوزعت هذه الحالات على عدة دوائر، منها: دائرة أخميم وساقلته وجهينة والمراغة وطهطا وثاني سوهاج والمنشأة وجرجا بمحافظة سوهاج، ودائرة أبو حمص ودمنهور وإدكو وشبراخيت وإيتاي البارود بمحافظة البحيرة، ودائرة قوص والوقف وقسم شرطة قنا بمحافظة قنا، ودائرة الرمل بمحافظة الإسكندرية، ودائرة أطسا بالفيوم، ودائرة إمبابة بمحافظة الجيزة، حيث تم رصد توزيع كراتين مواد غذائية لتوجيه الناخبين لصالح أحد المرشحين. وأشار التقرير أيضًا إلى ضبط عدد من المتورطين في هذه الممارسات بواسطة الجهات المختصة، واتخاذ إجراءات فورية بحقهم.
وشدد المجلس على أن شراء الأصوات يُعد انتهاكًا صارخًا لمبادئ النزاهة الانتخابية، ويمثل اعتداءً مباشرًا على حرية الاختيار، ويقوّض مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين. كما أكد أهمية تتبع شبكات التأثير غير المشروع لضمان عدم تكرارها.
كما تلقى المجلس بلاغات حول خرق الصمت الانتخابي عبر الدعاية الإلكترونية بأنماط متعددة، فضلًا عن تسجيل مخالفات تتعلق بتوجيه الناخبين ونقلهم بصورة جماعية في محافظة قنا وسوهاج والبحيرة. وسجلت غرفة المتابعة كذلك قيام بعض الكيانات ذات الطابع الخيري بالانخراط في أعمال دعاية انتخابية لصالح مرشحين، في مخالفة صريحة للقانون.
ويؤكد المجلس أن استخدام الجمعيات الخيرية أو الخدمات الاجتماعية في الدعاية الانتخابية يُعد من أخطر الممارسات التي تخلّ بسلامة العملية الانتخابية، لما يتضمنه من استغلال للحاجات الاجتماعية للفئات الأكثر ضعفًا.
وأكد المجلس أن التنسيق المؤسسي بين الأجهزة التنفيذية والرقابية يمثل ركيزة أساسية في حماية الحقوق السياسية، وأن نشر نتائج التحقق يعزز ثقة الجمهور ويحدّ من المعلومات المضللة.
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد ممدوح، رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصري وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن “اليوم الثاني كشف بوضوح عن تطور ملموس في آليات ضبط العملية الانتخابية، خاصة مع تدخل الجهات الأمنية بشكل فوري في حالات الانتهاكات وحرص الهيئة الوطنية للانتخابات على التفاعل مع البلاغات بشكل جاد ومسؤول”. وأضاف أن “صعود نسب المشاركة في اليوم الاخير يؤشر إلى رغبة المواطن في الحفاظ على حقه الانتخابي رغم محاولات التأثير غير المشروع التي شهدتها بعض الدوائر”.
وأوضح ممدوح أن المخالفات، رغم خطورتها وتكرارها في بعض المناطق، تعكس في الوقت نفسه نجاح المجتمع في كشفها وفضحها، سواء من خلال المتابعين أو الإعلام أو المواطنين عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي باتت أحد أهم أدوات الرقابة الشعبية في التاريخ الحديث.
وأكد أن تجديد النخبة السياسية، وفتح المجال العام، وتعزيز التوعية المجتمعية بأهمية النزاهة الانتخابية، أصبحت جميعها استحقاقات لا يمكن تأجيلها إذا أردنا عملية انتخابية تعبر بحق عن إرادة المصريين.
كما دعا ممدوح إلى ضرورة تطوير التشريعات المنظمة للعملية الانتخابية وتفعيل العقوبات على الجرائم الانتخابية، بما يحقق الردع ويحدّ من محاولات العبث بالإرادة الشعبية.
واختتم المجلس تقريره بالتأكيد على استمرار المتابعة حتي انتهاء الاستحقاق الدستوري بكافة مراحله، مع الالتزام الكامل بالمعايير الوطنية والدولية المتعارف عليها في متابعة الانتخابات.
