
حرص الإعلامي أسامة كمال في حلقة اليوم من برنامجه “مساء dmc،” على الحديث عن التجربة الصينية، بمناسبة الذكرى الـ 76 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
وقال أسامة كمال، إذا عدنا للوراء، سنجد أن الصين كانت بلد ضخم في أوائل القرن الـ19؛ تصدر منتجاتها لكل دول أوروبا، وكان الميزان التجاري لصالح الصين، فبريطانيا لجأت إلى حل شيطاني وهو “الأفيون”، توسعت في زراعته بالهند، وبدأت في تهريبه للصين؛ فوقع ملايين الصينيين في هذا الفخ، وتحولوا إلى مدمنين، وعندما حاول الإمبراطور الصيني الإصلاح وأعدم 20 ألف صندوق أفيون كانت لتجار إنجليز، بريطانيا أرسلت أسطولها، وبدأت حرب الأفيون التي انتهت بهزيمة الصين، و بدأت سلسلة احتلالات أجنبية، إلى أن تم تقسيم الصين ما بين نفوذ بريطاني وفرنسي وألماني وروسي وياباني، فتعرضت الصين للكسر، وتحولت من إمبراطورية عظيمة، إلى دولة تسمى “الرجل المريض” في آسيا، ثم جائت حرب الأفيون الثانية، بتحالف إنجليزي فرنسي، ليطلق الصينيين على القرن الـ 19 “قرن الإذلال”.
وتابع “كمال” أن عودة الصين، كانت بدايتها بميلاد الطفل ماو تسي تونغ عام 1893، كان والده فلاح عنيد، وقاسي، لكنه هرب من الزراعة ليقرأ، عن الحرية، والثورة الفرنسية، والماركسية؛ وتأثر بفكرة إن “الفلاحين والعمال هم من يغيرون التاريخ”، شارك في نشاطات طلابية وسياسية، قبل أن يشارك 12 شاب تأسيس الحزب الشيوعي الصيني سنة 1921، في شنغهاي، وهنا بدأت الحكاية التي غيّرت مصير الصين، فبعد محاصرته من القوميين قرر الانسحاب، ثم عمل رحلة أسطورية اسمها “المسيرة الطويلة” 9000 كيلو مشي في جبال وأنهار، ليهرب من القوميين ويذهب بحلم الشيوعية لمكان آمن، وكان معه 86,000 مقاتل، وهذه المسيرة خلقت أسطورة، الصين كلها سمعت عنها، فتحول ماو منذ هذه اللحظة إلى الزعيم الأوحد.
واستكمل كمال : الحرب الأهلية عادت بين القوميين والشيوعيين بعد هزيمة اليابان سنة 1945، وهرب الشيوعيون لتايوان، وماو دخل بكين، ووقف في ميدان تيانانمن يوم 1 أكتوبر، ورفع العلم الأحمر؛ وأعلن نهاية عصر الذل وبداية حلم جديد. كان ماو أمام بلد محطم اقتصاديًا واجتماعيًا: بنية تحتية متهالكة، حروب أهلية وسنوات من الاحتلال الأجنبي، فكان أول قراراته إعادة توزيع الأرض سنة 1950 بقانون الإصلاح الزراعي؛ ثم بدأت الدولة بناء سلطة مركزية، وقررت الاهتمام بالاقتصاد والتحول لقوة صناعية، وكانت البداية بإنتاج الحديد، ولكن النتائج كانت كارثية، بسبب انشغال الفلاحين بالصناعة عن الزراعة، فانهارت الإمدادات الغذائية، ودخلت الصين في فترة مجاعة من 1959 حتى 1961، لكن سنة 1966 أعلن ماو “الثورة الثقافية” ليخلص المجتمع من “الرجعية”، بعد تخلصه من المعارضين والمثقفين؛ وليحكم سيطرته على الحزب الشيوعي شجع الشباب للانضمام إلى “الحرس الأحمر”، لمهاجمة كل شيء “قديم” تحت شعار الثورة الثقافية؛ فحرقت الكتب، ودمرت الآثار، وتوقف التعليم، وظل ذلك حتى وفاة ماو سنة 1976.
وأكد أن التحول الثاني في الصين كان في عصر دنغ شياو بينغ، سنة 1978 الذي تبنى سياسة “الإصلاح والانفتاح”، ليتحرك الاقتصاد بالسوق والاستثمار الأجنبي، ويظل الحزب مسيطر على السياسة، وبدأ بنظام “مسؤولية الأسرة” في الزراعة، ثم أسس مناطق اقتصادية خاصة بهدف التصدير؛ وعمل إصلاحات شملت تحريك الأسعار وتشجيع المشاريع الصغيرة، ليكبر الاقتصاد، وتسجل الصين نمو خرافي من السبعينات للألفينات، ويخرج 800 مليون من الفقر المدقع (حسب البنك الدولي)؛ ثم أصبحت الصين “مصنع العالم”، ثم دخلت مرحلة التكنولوجيا.
وأردف: “بعد الرئيس الصيني دنغ شياو بينغ الذي جاء بعد ماو، حدثت تطورات مهمة في الصين؛ لكن فترة هذا الرجل هي التي وضعت الصين على الطريق الذي جعل منها الصين التي نراها اليوم”.
وختم أسامة كمال حديثه قائلًا: عزيزي المشاهد.. أتمنى وأنت تنظر على كلمة صنع في الصين Made in China، تعرف إنها لم تأتي بالساهل؛ تجربة الصين علمتنا أن التخطيط بعيد المدى والاستثمار يمكن أن يصنع معجزات، وحذرتنا أيضًا من أن السياسات المتسرعة والرغبة السريعة في النمو يمكن أن تأتي بكوراث.