
وصل قداسة البابا تواضروس الثاني مساء اليوم، الأربعاء إلى إيبارشية القوصية ومير، وذلك في إطار زيارته الرعوية الحالية لمحافظة أسيوط التي بدأها أمس.
كان قداسته قد غادر الدير المحرق بعد انتهاء زيارته له، متوجهًا إلى كاتدرائية السيدة العذراء والقديس يوسف البار بالقوصية، واحتشد أبناء الإيبارشية على جانبي الطريق من الدير المحرق وحتى القوصية للترحيب بقداسة البابا، بينما استقبل قداسته الآلاف من الشعب داخل الكاتدرائية، ودوى التصفيق وانطلقت الزغاريد داخلها عند دخول قداسته.
وصلى قداسة البابا صلوات رفع بخور عشية وشاركه ٢٠ من الآباء المطارنة والأساقفة، وعقب انتهاءها ألقى نيافة الأنبا توماس مطران القوصية ومير، كلمة عبر خلالها عن ترحيبه بزيارة قداسة البابا لافتًا لتميز قداسته بثلاث صفات تميزه، وهي التدقيق الإبداع والضمير الصالح، مشيدًا بسعيه الدائم لنمو الكنيسة ورفع شأنها، ونوه إلى استضافة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لمؤتمر مجلس الكنائس العالمي، وهو تقدير كبير للكنيسة.
وعبر قداسة البابا عن سعادته بزيارته للقوصية، لافتًا إلى أن إيبارشية القوصية ومير كانت أول إيبارشية زارها عقب تنصيبه وكان ذلك في فبراير ٢٠١٢، معربًا عن محبته وتقديره لنيافة الأنبا توماس.
واستكمل قداسة البابا سلسلة “أصحاحات متخصصة”، وتحدث اليوم عن الآية “اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا” من أصحاح المحبة وهو الأصحاح الثالث عشر من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس، موضحًا أن الآية “اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا” هي وصية تحمل قوة تنفيذها، وهي شعار أو مبدأ ينبغي أن نعيش به كل يوم.
وشرح قداسته أهمية الحياة بهذا المبدأ، كالتالي:
١- المحبة هي الله، “اللهَ مَحَبَّةٌ” (١يو ٤: ٨)، والله لا يسقط أبدًا، والمحبة هي طبيعة الله نفسه، وهي جوهر الله.
٢- المحبة هي الفضيلة الوحيدة التي تمتد معنا في السماء، “أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ” (١كو ١٣: ١٣).
٣- المحبة شعار يربطنا بالله، فهي صلة لا تنكسر ولا تختفي، وحاضرة دائمًا في العلاقة مع الله.
٤- الأعمال بدون محبة لا قيمة لها، والديّان العادل سيسأل البشر عن مقدار المحبة الذي جمعوه في حياتهم، فالمحبة تبقى أبدية.
٥- المحبة، لأنها هي الله، فهي قادرة أن تنتصر على كل شيء.
وأضاف قداسة البابا مشيرًا إلى جوانب قوة المحبة من خلال أمثلة في الكتاب المقدس، وهي:
١- “المحبة لا تسقط مع الزمن” بل تزداد قوة، مثال:
– يوسف الصديق وإخوته، “أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا” (تك ٥٠: ٢٠).
– السامري الصالح قدم المحبة لإنسان غريب، والنتيجة أن اسمه وسيرته مسجلة بالكتاب المقدس.
– الشماس استفانوس الذي قدم المحبة أثناء رجمه، “«يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ»” (أع ٧: ٦٠).
– قايين لم يقدم محبة لأخيه هابيل، فكانت النتيجة أنه ظل تائهًا.
– مردخاي الذي أنقذ الملك في الماضي، “وَلَمَّا دَخَلَ هَامَانُ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «مَاذَا يُعْمَلُ لِرَجُل يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ؟»” (أس ٦: ٦).
٢- “المحبة لا تسقط أمام الشر” بل تنتصر على الكراهية، كما أنها تتضمن فعليْن هما: مسامحة الآخر ونسيان ما فعله.
٣- “المحبة لا تسقط أمام الموت” مثال القديس البابا أثناسيوس الرسولي، والذي تنيح منذ ١٧ قرنًا، ولكن جميعنا نفتخر بأننا أولاده حتى يومنا هذا.
٤- “اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا” لأن فيها الرحمة من يد الله، “لأن إلى الأبد رحمته”.
٥- “اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا” فهي كلمة ثابتة لا تزول، “اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ” (مت ٢٤: ٣٥).
واختتم قداسته: المحبة هي وصية، وهي شعار، وهي أيضًا اختبار لقوة الله، “«غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ»” (لو ١٨: ٢٧).









