في تطور يكشف عمق المأساة الاقتصادية اليمنية، تبلغ الفجوة الصادمة في أسعار الدولار بين صنعاء وعدن 1100 ريال يمني – رقم يعادل راتب موظف حكومي لثلاثة أشهر كاملة! فبينما يُباع الدولار في صنعاء بـ535 ريالاً، يقفز سعره في عدن إلى 1632 ريالاً، في مشهد اقتصادي لا يصدقه عقل داخل حدود بلد واحد.
أحمد المحمودي، موظف حكومي من صنعاء، يروي معاناته: “أحتاج 1600 دولار لعلاج والدتي في الخارج، لكن المبلغ الذي يكفيني في صنعاء لا يساوي شيئاً في عدن”. هذا الواقع المرير يعيشه ملايين اليمنيين يومياً، حيث سجل الريال السعودي فجوة مماثلة بـ288 ريالاً فرقاً بين المدينتين. الدكتور محمد الأغبري، الخبير الاقتصادي، يحذر: “هذا الوضع يدمر النسيج الاقتصادي اليمني تدريجياً كما تتآكل الصخور تحت المطر”.
قد يعجبك أيضا :
تعود جذور هذه الكارثة الاقتصادية لعقد من الانقسام السياسي الذي شطر اليمن إلى اقتصادين متنافرين يديرهما بنكان مركزيان منفصلان بسياسات نقدية متضاربة. كما انقسمت ألمانيا اقتصادياً خلال الحرب الباردة، ينقسم اليمن اليوم بين شمال وجنوب يعيشان في عالمين اقتصاديين مختلفين. الخبراء يتوقعون مزيداً من التدهور دون حل سياسي شامل يوحد السياسة النقدية.
فاطمة الحضرمية، التاجرة الذكية، استطاعت تحويل هذه الأزمة لفرصة: “أشتري السلع بالدولار من صنعاء وأبيعها في عدن، والفرق يحقق لي أرباحاً خيالية”. لكن هذا الواقع له وجه آخر مأساوي، فالمواطن العادي يجد نفسه عاجزاً عن شراء الأدوية الأساسية أو إرسال أطفاله للعلاج.
قد يعجبك أيضا :
- ارتفاع أسعار السلع المستوردة بنسبة تزيد عن 200%
- صعوبة التحويلات المالية بين المحافظات
- تعليق خطط السفر والعلاج في الخارج
عبدالله الصرافي يشهد هذه المعاناة يومياً: “أرى في عيون الناس قلقاً لا ينتهي، والكل يسأل: متى سينتهي هذا الكابوس؟”
مع استمرار هذا الانقسام المدمر، يواجه اليمنيون خيارات صعبة: إما الهجرة الداخلية من المناطق مرتفعة الأسعار، أو التحوط بالذهب والعملات الصعبة لحماية مدخراتهم. المطلوب اليوم إرادة سياسية حقيقية وتدخل دولي فعال لإنهاء هذه المأساة الاقتصادية. السؤال الذي يحرق القلوب: إلى متى سيبقى الشعب اليمني رهينة لهذا الانقسام الذي يقتل أحلامه كل يوم؟
