في تطور عاجل هز المشهد التعليمي في المملكة، أعلنت جامعة الملك عبدالعزيز تحويل الدراسة الحضورية إلى التعليم عن بُعد ليوم غدٍ الثلاثاء، في قرار مفاجئ طال أكثر من 100,000 طالب وطالبة عبر ثلاث محافظات كاملة. السبب: عاصفة مدمرة تقترب بسرعة مرعبة، تحمل معها أمطاراً غزيرة ورياحاً عاتية قد تحول الشوارع إلى أنهار جارفة خلال ساعات.
المشهد أشبه بفيلم كارثي حقيقي: 15 مؤسسة تعليمية تتخذ القرار نفسه في توقيت متزامن، من جامعة الملك عبدالعزيز إلى مدارس جدة ورابغ وخليص، ومن التدريب التقني إلى معهد الإدارة العامة. “حرصاً على سلامة الجميع”، هكذا بررت إدارة الجامعة قرارها العاجل بناءً على تحذيرات المركز الوطني للأرصاد التي تتنبأ بـ”أمطار غزيرة مصحوبة برياح شديدة السرعة وجريان للسيول“. سارة أحمد، طالبة تقطع 50 كيلومتراً يومياً للوصول للجامعة، تتنفس الصعداء: “كنت سأواجه خطر الطريق لولا هذا القرار الحكيم”.
قد يعجبك أيضا :
ليس هذا مجرد قرار عابر، بل تطبيق عملي لدروس مستفادة من تجربة كوفيد-19 التي علّمت العالم قيمة المرونة التعليمية. الفارق هذه المرة أن العدو طبيعي وليس وبائي، والاستجابة كانت بسرعة البرق – في أقل من 24 ساعة تحولت قاعات الدراسة من الحرم الجامعي إلى غرف المنازل. د. محمد الحارثي، خبير الأرصاد، يؤكد: “التغيرات المناخية المتزايدة تتطلب استعداداً دائماً، والتعليم عن بُعد أصبح خط الدفاع الأول”.
التأثير يتجاوز مجرد تغيير المكان، فالطلاب يوفرون ساعات التنقل ومصاريف المواصلات، بينما تزدحم منصة “مدرستي” و الأنظمة الرقمية بآلاف الاتصالات المتزامنة. العائلات تعيد تنظيم يومها، والشوارع التي تعج عادة بحركة الطلاب صباحاً ستشهد هدوءاً غير مألوف. أحمد سالم، موظف في الجامعة، يصف المشهد: “في ساعات قليلة تحولنا من الاستعداد لاستقبال آلاف الطلاب إلى تطبيق نظام العمل المرن، كأننا نشهد ثورة تقنية صامتة”. لكن التحدي الأكبر يكمن في ضمان وصول التعليم لكل طالب، خاصة في المناطق التي قد تتأثر شبكات الإنترنت فيها بالأحوال الجوية.
قد يعجبك أيضا :
بينما تقترب العاصفة من السواحل الغربية للمملكة، تقف السعودية اليوم كنموذج للاستجابة السريعة والذكية للأزمات الطبيعية. البنية التقنية المتطورة التي بُنيت عبر سنوات تواجه اختباراً حقيقياً، والنتائج ستحدد مستقبل التعليم المرن في المنطقة. د. فاطمة السلمي، خبيرة التعليم الإلكتروني، تختتم بثقة: “ما يحدث اليوم ليس مجرد تأجيل، بل تطور حضاري في التعامل مع التحديات”. فهل ستصبح هذه التجربة نموذجاً دائماً يُحتذى به عالمياً؟
