في تطور صادم يعكس عمق الانقسام الاقتصادي في اليمن، سجلت أسعار الذهب فجوة سعرية تاريخية بنسبة 219% بين عدن وصنعاء، حيث وصل سعر جرام الذهب عيار 21 إلى 191,300 ريال في عدن مقابل 60,000 ريال فقط في صنعاء – في نفس البلد وفي نفس اليوم! هذا التباين الجنوني يحول شراء خاتم زواج بسيط إلى حلم بعيد المنال لآلاف الشباب اليمني.
محمد العدني، والد من عدن يحاول شراء شبكة ذهب لابنته المقبلة على الزواج، يروي بمرارة: “دخلت محل الصاغة ورأيت السعر 32,080 ريال للجرام الواحد عيار 24 – هذا المبلغ يكفي لشراء طعام عائلتي لشهر كامل!” وبينما يعاني أهالي عدن من الأسعار الخيالية، يحقق تجار الذهب الذين ينقلون البضاعة بين المدينتين أرباحاً استثنائية تصل إلى 300% من كل صفقة.
قد يعجبك أيضا :
منذ بداية الأزمة اليمنية في 2014، تحول الذهب من رمز للفرح والمناسبات السعيدة إلى رمز للمعاناة الاقتصادية. تعدد البنوك المركزية وانهيار أسعار الصرف خلق فوضى اقتصادية حقيقية تذكرنا بأزمة الذهب في لبنان خلال الحرب الأهلية. الدكتور أحمد القرشي، الخبير الاقتصادي، يحذر: “هذه الفجوة السعرية تعكس انهياراً مؤسسياً كاملاً، والأسوأ أن الوضع قد يزداد تدهوراً مع استمرار عدم الاستقرار السياسي.”
العائلات اليمنية تعيد النظر جذرياً في تقاليدها المتوارثة حول الذهب، حيث بدأت فاطمة المحطوري، العروس المقبلة من تعز، بالبحث عن بدائل: “اضطررت لتأجيل شراء الشبكة والاكتفاء بقطعة واحدة بسيطة.” الخبراء يتوقعون ظهور سوق سوداء أكثر نشاطاً وتحولاً متزايداً نحو الاستثمار في العملات الأجنبية كالدولار واليورو. المفارقة المؤلمة أن سعر الأوقية عالمياً وصل إلى 4,001 دولار، مما يضع اليمن أمام تحدي مضاعف من ارتفاع الأسعار العالمية وانهيار العملة المحلية.
قد يعجبك أيضا :
في ظل هذه الأرقام الصادمة التي تعكس انقساماً اقتصادياً عميقاً، يبقى السؤال المؤرق: هل ستنجح الجهود المستقبلية في توحيد السوق اليمنية، أم أن هذا التباين الجنوني سيزداد ويحول الذهب من ملاذ آمن للاستثمار إلى حلم مستحيل التحقيق؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكن المؤكد أن على المواطنين توخي الحذر الشديد والتخطيط الدقيق لأي قرارات استثمارية في هذه الأوقات العصيبة.
