في تطور مدوي هز الشارع اليمني، سجلت أسواق الصرافة فجوة مالية صادمة تصل إلى 1088 ريال يمني بين محافظتي عدن وصنعاء في يوم واحد، حيث وصل سعر الدولار إلى مستوى جنوني قدره 1633 ريال في عدن مقابل 540 ريال فقط في صنعاء. هذا الانهيار المدوي يعني أن الريال اليمني فقد 87% من قيمته منذ بداية الصراع عام 2014، محولاً حياة ملايين اليمنيين إلى كابوس اقتصادي حقيقي.
أم أحمد، ربة منزل من صنعاء، تصف صدمتها قائلة: “ما كنت أشتريه بـ200 ألف ريال قبل الحرب، أحتاج اليوم إلى 1.6 مليون ريال لشرائه.” هذا الواقع المرير يعكس حجم الكارثة التي تضرب الاقتصاد اليمني، حيث تشير الأرقام إلى أن فجوة الـ203% في أسعار الصرف بين المحافظات اليمنية تمثل أكبر تشويه اقتصادي يشهده بلد عربي في التاريخ المعاصر. الصراف محمد من عدن يؤكد: “نشهد انهياراً تدريجياً لآخر ما تبقى من الاقتصاد اليمني، والوضع يزداد سوءاً يومياً.”
قد يعجبك أيضا :
هذا الانهيار المروع ليس وليد اللحظة، بل نتاج 11 عاماً من التدهور المتسارع منذ اندلاع الصراع، عندما كان الريال اليمني يتداول عند مستوى 215 ريال مقابل الدولار الواحد. تمزق البلاد وتعدد السلطات النقدية ونضوب الاحتياطيات الأجنبية، كلها عوامل ساهمت في تحويل العملة الوطنية من رمز للسيادة إلى أوراق بلا قيمة. الدكتور عبدالله، المحلل الاقتصادي المتخصص، يحذر قائلاً: “إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فسنشهد انهياراً كاملاً للنظام النقدي خلال أشهر قليلة.”
الأخطر من ذلك أن هذا الانهيار بات يخنق الحياة اليومية لـ30 مليون يمني، حيث تحول شراء الخبز والدواء إلى رحلة بحث مضنية عن المال. سالم، مغترب يمني في السعودية، يروي معاناته: “أرسل نفس المبلغ بالدولار شهرياً، لكن أسرتي تستلم قوة شرائية أقل كل شهر.” المستشفيات تتوقف عن استقبال المرضى لعجزهم عن دفع تكاليف العلاج، والمدارس تغلق أبوابها أمام الطلاب الذين لا يستطيعون تحمل الرسوم. هذا الواقع ينذر بموجة هجرة جماعية جديدة وانهيار اجتماعي شامل قد يحول اليمن إلى اقتصاد مقايضة بدائي.
قد يعجبك أيضا :
مع استمرار هذا النزيف الاقتصادي المؤلم، يواجه اليمنيون خيارات صعبة بين الهجرة أو التشبث بأرضهم رغم الظروف القاسية. الخبراء يحذرون من وصول الدولار إلى 3000 ريال خلال الأشهر المقبلة إذا لم تتدخل القوى الدولية عاجلاً لوقف هذا الانهيار. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل سيشهد اليمن معجزة اقتصادية تنقذ ما تبقى من العملة الوطنية، أم أننا على موعد مع كارثة مالية ستمحو آخر بقايا الحلم اليمني؟
