في تطور صادم يعكس عمق المأساة الاقتصادية اليمنية، سجلت أسعار صرف العملات في العاصمة المؤقتة عدن مساء اليوم أرقاماً مذهلة: 1630 ريالاً يمنياً لشراء دولار واحد فقط – رقم يحكي قصة انهيار اقتصاد بلد كامل. هذه الأرقام الصاعقة تعني أن الريال اليمني اليوم يساوي أقل من 1% من قيمته قبل عقد واحد، في مشهد يذكرنا بانهيار العملات التاريخي. كل يوم تأخير في إيجاد الحلول يعني نزيف إضافي في جيوب 30 مليون يمني يكافحون من أجل البقاء.
وسط أصوات الجدال المتصاعدة في أسواق الصرافة بعدن، كشفت الأرقام الرسمية عن فارق مدمر يبلغ 13 ريالاً بين شراء وبيع الدولار الواحد (1617-1630)، بينما سجل الريال السعودي أسعاراً تتراوح بين 425 للشراء و428 للبيع. “هذه الأرقام كالسكين في قلب كل أسرة يمنية”، يقول د. سالم الشعبي، خبير اقتصادي، بينما يروي أحمد المحمدي، الموظف الحكومي براتب 50 ألف ريال شهرياً: “لا أستطيع حتى شراء دولار واحد براتب يومين كاملين من العمل.”
قد يعجبك أيضا :
وخلف هذا الانهيار المستمر منذ 2014، تقف مأساة إنسانية حقيقية تمتد جذورها إلى سنوات الحرب التي دمرت البنية الاقتصادية للبلاد. الريال الذي كان يُباع بـ250 مقابل الدولار قبل الأزمة، ينهار اليوم بسرعة سقوط الحجر في بئر عميقة، حسب تعبير الخبراء الاقتصاديين. العوامل المدمرة تتراكم: انقطاع الصادرات، نضوب العملة الصعبة، وتوقف معظم القطاعات الإنتاجية، في حين يتوقع المحللون مزيداً من التدهور ما لم تتدخل القوى الإقليمية والدولية بحلول طارئة.
في الشوارع الضيقة لأسواق عدن، تنعكس هذه الأرقام المرعبة على الحياة اليومية للمواطنين بوضوح مؤلم. فاطمة علي، ربة المنزل، تقف عاجزة أمام صيدلية وتقول بحرقة: “لا أستطيع شراء دواء طفلي المريض، سعره بالدولار يساوي مصروف أسبوع كامل.” هذا المشهد يتكرر في آلاف البيوت اليمنية، حيث تتحول أبسط ضروريات الحياة إلى رفاهية لا يستطيع معظم المواطنين تحملها. من جهة أخرى، يستفيد بعض المغتربين اليمنيين من هذا الوضع، حيث يقول محمد الحضرمي من السعودية: “تحويلاتي لأهلي في اليمن تشتري اليوم أكثر مما كانت تشتري قبل شهر، لكن هذا لا يخفف من ألم رؤية وطني ينهار.”
قد يعجبك أيضا :
الأرقام اليوم ليست مجرد إحصائيات، بل صرخة استغاثة من شعب يواجه كارثة اقتصادية حقيقية. 1630 ريالاً لشراء دولار واحد تعني أن ملايين اليمنيين باتوا خارج دائرة الاقتصاد العالمي تماماً، في مشهد ينذر بانهيار اجتماعي شامل. المجتمع الدولي والقيادة اليمنية مطالبان اليوم بتحرك عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تتحول الأزمة الاقتصادية إلى كارثة إنسانية لا يمكن احتواؤها. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كم من الوقت يمكن للريال اليمني أن يصمد قبل الانهيار الكامل؟
