في تطور عاجل يحبس الأنفاس، تنتشر القوات الخاصة للأمن والحماية بكثافة استثنائية عبر منطقتي تبوك والمدينة المنورة، فيما تشهد المنطقة حالة مطرية تحمل في طياتها مخاطر جسيمة. 80% من ضحايا السيول لم يتوقعوا الخطر قبل 10 دقائق فقط من وقوعه – حقيقة مرعبة تجعل كل دقيقة تأخير تساوي حياة إنسان. الآن، وبينما تقرأ هذه الكلمات، آلاف العائلات تواجه خطراً صامتاً قد ينقلب إلى كارثة في لحظات.
انتشار واسع كخلية النحل يغطي مساحة تعادل دولة قطر بأكملها، فيما تتأهب القوات لمواجهة ما وصفه خبراء الأرصاد بـ“الأمطار الأكثر كثافة وأقل قابلية للتنبؤ منذ عقود”. تبوك وحدها تستقبل مليون زائر سنوياً، 70% منهم يفضلون زيارتها وقت الأمطار للاستمتاع بالمناظر الخلابة، دون أن يدركوا أن 15 سنتيمتر فقط من المياه المتدفقة كافية لإسقاط رجل قوي. الرقيب أول سعد العتيبي، الذي أنقذ 23 شخصاً خلال موسم الأمطار الماضي، يؤكد: “سلامة المواطنين والزوار أولوية قصوى لا تقبل المساومة، ونحن مستعدون لمواجهة أي طارئ مهما كانت صعوبته”.
قد يعجبك أيضا :
هذا الاستنفار الأمني ليس مجرد إجراء روتيني، بل دروس مستفادة من ذكرى فيضانات جدة المدمرة عام 2009 التي غيرت نظرة المملكة تماماً لإدارة الكوارث الطبيعية. التغيرات المناخية المتسارعة حولت الأمطار الموسمية من نعمة إلى تحدٍ حقيقي يتطلب تقنيات متطورة وجاهزية عالية. د. عبدالله الغامدي، خبير الأرصاد الجوية، يحذر: “التغيرات المناخية جعلت الأمطار أكثر كثافة وأقل قابلية للتنبؤ، والمعطيات الحالية تشير لاحتمالات عالية لتشكل سيول مفاجئة”. المقارنات التاريخية تكشف أن هذا النموذج من الاستعداد المسبق هو السبيل الوحيد لتجنب تكرار مآسي الماضي.
العائلات اليوم تواجه معضلة حقيقية: البقاء في المنزل وتفويت جمال الطبيعة في أبهى حللها، أم المغامرة والخروج مع المخاطرة بحياة الأحبة. فاطمة القحطاني، أم لثلاثة أطفال، تروي بصوت مرتجف كيف شاهدت منسوب المياه في أحد الأودية يرتفع من 20 سم إلى متر كامل خلال 10 دقائق فقط: “كان مشهداً مرعباً، المياه البنية المتدفقة تحمل الأحجار والأشجار كالألعاب”. أبو محمد الشمري يتذكر كابوس العام الماضي عندما حُوصر مع عائلته في وادي القرى لمدة 6 ساعات طويلة. صوت المطر الغزير وهدير المياه المتدفقة وصفارات الإنذار تخلق سيمفونية مرعبة تحبس الأنفاس، بينما تنتشر سيارات الإسعاف في حالة استنفار تام.
قد يعجبك أيضا :
جاهزية عالية وانتشار واسع وتنسيق محكم، كلها تصب في هدف واحد مقدس: حماية الأرواح. هذا النموذج المتطور سيصبح معياراً جديداً لإدارة الأزمات المناخية في المنطقة، مما يعزز ثقة المواطنين في قدرات الأجهزة الأمنية السعودية على مواجهة التحديات الطبيعية. السؤال الذي يحتاج إجابة عاجلة الآن: هل ستكون حكيماً وتستمع للتحذيرات وتتعاون مع القوات الأمنية، أم ستراهن بحياتك وحياة أحبابك من أجل صورة تذكارية أو لحظة متعة قد تكون الأخيرة؟
