في مشهد صادم يهز الأسواق المصرية، تجاوز سعر جرام الذهب عيار 24 حاجز 6410 جنيه مصري، مسجلاً بذلك أرقاماً قياسية لم تشهدها مصر منذ عقود. هذا الرقم المذهل يعادل راتب موظف حكومي لمدة أسبوعين كاملين، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى مستوى خيالي يبلغ 44880 جنيهاً. الخبراء يدقون ناقوس الخطر: هل نشهد بداية عصر جديد لن تستطيع فيه الطبقة المتوسطة لمس الذهب؟
في قلب خان الخليلي، تحكي أم محمد، صاحبة محل ذهب عريق، عن انخفاض مروع في الإقبال بنسبة 70% خلال الشهر الماضي فقط. “العرائس يدخلن المحل ويخرجن باكيات”، تقول بصوت محزون وهي تشير إلى فيترينات مليئة بالذهب الذي أصبح حلماً بعيد المنال. في المقابل، يبتسم أحمد السيد، 45 عاماً، الذي استثمر في الذهب العام الماضي وحقق أرباحاً تجاوزت 30%، قائلاً: “الذهب لا يخون أبداً، لكن التوقيت هو كل شيء”.
قد يعجبك أيضا :
هذا الارتفاع الجنوني لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لعاصفة مثالية من العوامل الاقتصادية العالمية والإقليمية. التضخم المتصاعد، وتقلبات أسعار الدولار، والتوترات الجيوسياسية المتنامية، كلها عوامل دفعت المستثمرين للجوء إلى الملاذ الآمن التقليدي. د. محمود الليثي، خبير الاستثمار في المعادن الثمينة، يرى أن “الوضع يشبه ما حدث في أزمة السبعينيات، عندما قفزت أسعار الذهب بنسبة 300%”، محذراً من أن الأسعار الحالية قد تكون مجرد البداية.
الأرقام تحكي قصة مؤلمة لملايين العائلات المصرية: فاطمة محمد، مدرسة تبلغ 28 عاماً ومقبلة على الزواج، تشاهد حلم الشبكة الذهبية يتبخر أمام عينيها. “كل ما ادخرته خلال سنوات العمل لا يكفي لشراء نصف ما كنت أحلم به”، تقول بصوت منكسر. هذا المشهد يتكرر في آلاف البيوت المصرية، حيث تضطر العائلات إما لتأجيل الأفراح أو البحث عن بدائل أقل جودة. الخبراء يتوقعون تغييراً جذرياً في تقاليد الزواج المصرية، مع نمو متوقع في أسواق الذهب المستعمل والمقلد.
قد يعجبك أيضا :
في ظل هذا الإعصار السعري، يقف المستثمرون والمواطنون أمام تحدٍ حقيقي: هل سيواصل الذهب رحلته إلى القمة ليصل عيار 24 إلى 7000 جنيه خلال الأشهر المقبلة كما يتوقع بعض المحللين؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مصير استثمارات الملايين ومستقبل واحد من أهم التقاليد في المجتمع المصري. في عالم تتسارع فيه الأحداث الاقتصادية، هل تراهن على الذهب أم تبحث عن ملاذ آخر؟
