في تطور مفاجئ هز المنطقة الشرقية، أطلق المركز الوطني للأرصاد إنذاراً أحمر – أقصى درجات التحذير – لموجة ضباب كثيف ستحول الليل إلى كابوس أبيض يمتد لـ12 ساعة متواصلة. أكثر من مليوني نسمة في الدمام والخبر والجبيل والقطيف ورأس تنورة سيواجهون انعداماً شبه كامل في الرؤية من الثامنة مساءً اليوم حتى الثامنة صباحاً، في ظاهرة لم تشهدها المنطقة بهذه الشدة منذ سنوات.
“تخيل أن تقود سيارتك وأنت مغمض العينين“، هكذا وصف أحمد العتيبي، موظف في شركة أرامكو، شعوره وهو يحاول الوصول لعمله صباح أمس وسط ضباب أقل كثافة. اليوم الوضع أسوأ بمراحل: الرؤية ستنخفض إلى أقل من كيلومتر واحد، أي انخفاض بنسبة 99% عن المعدل الطبيعي. الدكتور محمد الحارثي، خبير الأرصاد الجوية، يحذر: “هذه الكثافة تحدث عندما تصل الرطوبة لأكثر من 95% مع انخفاض مفاجئ في الحرارة، والنتيجة عاصفة بيضاء صامتة“.
قد يعجبك أيضا :
الموقع الساحلي الاستراتيجي للمنطقة الشرقية، الذي يجعلها قلب الاقتصاد النفطي النابض، يتحول اليوم إلى سلاح ذو حدين. التغيرات المناخية الموسمية مع الطبيعة الجغرافية المسطحة خلقت الوصفة المثالية للكارثة. آخر مرة شهدت المنطقة ضباباً بهذه الكثافة كان في شتاء 2019، لكنه لم يدم أكثر من 6 ساعات. خبراء الأرصاد يتوقعون انقشاعاً تدريجياً مع شروق شمس الأربعاء، لكن الـ12 ساعة القادمة ستكون الأطول في تاريخ المنطقة الحديث.
تأثيرات الضباب القاتل تتجاوز مجرد تعطيل المرور. فاطمة القحطاني، سائقة أوبر في الخبر، توقفت عن العمل تماماً: “لا يمكنني رؤية إشارات المرور حتى عن قرب، الأضواء تبدو كأشباح ملونة في بحر أبيض“. عمال الفجر محاصرون في منازلهم، شركات التوصيل علقت خدماتها، والمستشفيات في حالة استنفار قصوى. سارة المطيري، ممرضة في مستشفى الملك فهد، تطوعت للبقاء طوال الليل: “لن نترك مرضانا وحدهم في هذه الظروف“. الخسائر الاقتصادية المبدئية تقدر بملايين الريالات من تأجيل المواعيد وتعطيل سلاسل التوريد.
قد يعجبك أيضا :
12 ساعة حاسمة، 5 مدن مهددة بالشلل، مليونا شخص ينتظرون انقشاع الضباب القاتل. المركز الوطني للأرصاد يواصل متابعته اللحظية للحالة الجوية، وسط دعوات للمواطنين بتجنب السفر إلا للضرورة القصوى. في عالم تحكمه السرعة والمواعيد الصارمة، هل ستجبرنا الطبيعة أخيراً على التوقف والتفكير في أن سلامتنا أهم من أي موعد؟
