في تطور تاريخي هز أروقة واشنطن والعالم العربي، انتهت 5 سنوات و 23 يوماً من الحصار الاقتصادي الخانق على سوريا بتصويت واحد في مجلس النواب الأميركي. البلد الذي كان محروماً من النظام المصرفي العالمي، يقف الآن على أعتاب استقبال مليارات الدولارات، لكن 90 يوماً فقط تفصل سوريا عن نهاية عصر العقوبات أو استمرارها في دوامة العزلة الاقتصادية.
صوت الكونغرس الأميركي بالأغلبية على إلغاء قانون قيصر ضمن مشروع قانون موازنة الدفاع الوطني، في خطوة وصفها حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية بأنها “المحطة الأخيرة والأهم لدمج سوريا في النظام المصرفي العالمي”. أحمد التاجر، 45 عاماً، الذي فقد تجارته بسبب العقوبات، يتذكر بمرارة: “شاهدت عملي ينهار أمام عيني، والآن أشعر وكأن الأمل يعود من جديد”. بينما تستعد فاطمة المستثمرة، 38 عاماً، لضخ ملايين الدولارات في مشاريع إعادة الإعمار.
قد يعجبك أيضا :
لكن هذا الانفراج ليس مجانياً. فرضت واشنطن 6 شروط صارمة على الإدارة السورية الجديدة، منها مكافحة التنظيمات الإرهابية واحترام حقوق الأقليات. د. محمود الاقتصادي، متخصص في الشؤون المالية الدولية، يؤكد: “هذا تحول تاريخي، لكنه مشروط بالوفاء بالتزامات صعبة”. قانون قيصر، الذي فُرض عام 2019 انتقاماً من جرائم نظام الأسد وسُمي نسبة لمصور عسكري سرب صور التعذيب المروعة، كان بمثابة جدار عازل بين سوريا والاقتصاد العالمي.
العواقب ستطال كل بيت سوري. خالد المصرفي، 42 عاماً، الذي عاش سنوات العزلة المصرفية يقول: “كنا محرومين من العالم، لا تحويلات ولا استثمارات”. الآن، يترقب ملايين السوريين عودة التحويلات المصرفية لعائلاتهم وانخفاض أسعار السلع المستوردة. فرصة ذهبية تنتظر المستثمرين الأوائل في قطاعات النفط والبنية التحتية والسياحة، لكن المخاطر السياسية تلوح في الأفق. السيناريو الأفضل يتنبأ بازدهار اقتصادي سريع، بينما الأسوأ ينذر بعودة عقوبات أشد قسوة.
قد يعجبك أيضا :
90 يوماً حاسمة تنتظر الإدارة السورية الجديدة لتقديم تقريرها الأولي إلى الكونغرس، تليها مراقبة دقيقة لمدة 4 سنوات كاملة. مشروع القانون ينتقل الآن إلى مجلس الشيوخ حيث يتوقع تمريره بسهولة، ثم إلى مكتب ترامب للتوقيع النهائي. سوريا تقف على مفترق طرق تاريخي: إما النجاح في اجتياز اختبار التغيير والانطلاق نحو عصر اقتصادي جديد، أو الفشل والعودة لنفق العقوبات. السؤال الذي يؤرق الملايين: هل ستنجح سوريا الجديدة في كتابة فصل مختلف من تاريخها الاقتصادي، أم ستعيد الأقدار ترتيب أوراق اللعبة مرة أخرى؟
