في تطور صاعق هز أركان اليمن، أعلنت شركة النفط اليمنية في حضرموت عن تخفيض خيالي بنسبة 40% في أسعار الوقود، مسجلة أسعاراً لم تشهدها المحافظة منذ 8 سنوات كاملة. 1150 ريال فقط للتر الديزل – رقم بدا مستحيلاً بعد سنوات من المعاناة والأسعار الخانقة التي أنهكت كاهل المواطنين. الأسعار الجديدة سارية الآن، والمواطنون يتسابقون للاستفادة من هذه الفرصة الذهبية قبل أي تغيير محتمل.
في مشهد لم تشهده شوارع المكلا وسيئون منذ سنوات، اصطفت طوابير طويلة من السيارات أمام محطات الوقود، بينما انتشرت موجة فرح عارمة بين المواطنين. فاطمة حضرموت، ربة منزل، ستوفر الآن 30,000 ريال شهرياً من مصروف البيت – مبلغ يعادل راتب موظف حكومي كامل. “لا أصدق ما يحدث، كأننا في حلم جميل بعد كابوس طال 8 سنوات”، تقول فاطمة وهي تمسح دموع الفرح من عينيها. سالم الكثيري، صاحب محطة وقود، شاهد مئات السيارات تتدفق منذ الإعلان عن القرار، مؤكداً أن الطلب فاق كل التوقعات.
قد يعجبك أيضا :
يعود هذا الانهيار التاريخي في الأسعار إلى تحسن ملحوظ في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، ما انعكس مباشرة على تكلفة استيراد المحروقات. د. محمد الصيعري، خبير اقتصادي، يؤكد أن هذا أكبر انخفاض في أسعار الوقود منذ 2014 – العام الذي شهد آخر استقرار حقيقي قبل اندلاع الحرب. “هذا التخفيض كان مثل المطر بعد قحط طال سنوات”، يضيف الصيعري، متوقعاً انعكاساً إيجابياً على كامل الاقتصاد المحلي خلال الأسابيع القادمة.
التأثير لا يقتصر على محطات الوقود فحسب، بل امتد ليشمل كافة جوانب الحياة اليومية. أحمد المكلا، سائق تاكسي وأب لأربعة أطفال، كان يدفع نصف راتبه للوقود ولم يعد قادراً على توفير احتياجات أسرته الأساسية. اليوم، يبتسم أحمد وهو يحسب الوفورات: “سأستطيع أخيراً شراء الدواء لطفلي المريض والكتب المدرسية لباقي الأطفال”. خبراء الاقتصاد يتوقعون انخفاضاً في أسعار السلع والخدمات بنسبة 15-20% خلال الشهر القادم، فيما تترقب الأسر اليمنية بفارغ الصبر انعكاس هذه البشرى على موائدها الخالية.
قد يعجبك أيضا :
مع حلول المساء، تحولت شوارع حضرموت إلى ساحات احتفال عفوية، بينما تتعالى أصوات التكبير من المساجد شكراً لله على هذه النعمة. الآمال معقودة الآن على تعميم هذا النموذج الناجح على باقي المحافظات اليمنية، لتحقيق النهضة الاقتصادية التي ينتظرها الشعب اليمني منذ سنوات. هل ستكون حضرموت نموذجاً يُحتذى به لباقي اليمن، أم أن هذا مجرد حلم مؤقت قد ينتهي قريباً؟ الإجابة تكمن في قدرة الإدارات المحلية على الاستفادة من هذه التجربة الرائدة وتطبيقها في مناطقهم.
