في تطور مناخي غير مسبوق يهز أرجاء المملكة، تستيقظ 10 مناطق سعودية على كابوس جوي واحد بعد إصدار المركز الوطني للأرصاد سلسلة إنذارات حمراء متزامنة للمرة الأولى منذ 3 سنوات. عاصفة تاريخية تجتاح مساحة تزيد عن مليون كيلومتر مربع في 48 ساعة حاسمة، مهددة بتحويل شوارع المدن إلى أنهار جارفة وتعريض ملايين السكان لخطر السيول القاتلة.
بدأت العاصفة رحلتها المدمرة فجر الإثنين عبر الرياض والمنطقة الشرقية، حيث هدير الرياح العاتية يصم الآذان وأصوات الرعد تهز البيوت كل 30 ثانية. أبو محمد، سائق توصيل في العاصمة، يروي رعبه: “الرياح تعصف كصوت القطار السريع، والمطر ينهمر كأنه شلالات نياجرا… اضطررت لإلغاء جميع رحلاتي وخسرت دخل يومين.” أكثر من 30 محافظة محاصرة تحت سماء رمادية مظلمة تحجب ضوء النهار، بينما البرق يضيء الأفق في مشهد مرعب لم تشهده المملكة منذ سنوات.
قد يعجبك أيضا :
وراء هذا الحدث الاستثنائي، نشأت منطقة ضغط منخفض قوية التقت مع كتلة هوائية باردة لتشكل نظاماً جوياً مداريّ الطابع. تضاريس المملكة المتنوعة من الصحراء الشمالية إلى الجبال الجنوبية ساهمت في تضخيم قوة العاصفة بشكل مضاعف. د. نوال المناخية، أستاذة علوم الطقس، تحذر: “آخر حدث مماثل كان في ربيع 2022، لكن هذا أشد وأوسع انتشاراً. التغيرات المناخية تجعل هذه الكوارث أكثر تكراراً وشدة.” المقارنة صادمة: المنطقة المتأثرة تعادل مساحة فرنسا وألمانيا مجتمعتين.
الحياة اليومية لملايين السعوديين تنقلب رأساً على عقب، حيث ألغيت مئات الرحلات الجوية وأغلقت المدارس في 6 مناطق وتوقفت أنشطة البناء والزراعة. فاطمة الغامدي، أم لثلاثة أطفال من الباحة، تصف الرعب: “صوت الرعد يهز البيت والأطفال يبكون من الخوف… لم نشهد مثل هذا القصف الرعدي من قبل.” بينما يعيش المزارعون حالة من التناقض، متفائلون بفرصة ذهبية لتجديد المخزون المائي لكن قلقون من أضرار السيول. السائقون يواجهون كابوس انعدام الرؤية الكامل، والسياح يلغون رحلاتهم تاركين الفنادق شبه فارغة.
قد يعجبك أيضا :
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل ستصمد البنية التحتية السعودية أمام هذا الاختبار الطبيعي القاسي؟ الساعات الـ48 القادمة ستكون حاسمة في تحديد حجم الأضرار وقدرة أنظمة الطوارئ على حماية الأرواح. عاصفة تاريخية تجتاح 10 مناطق في أقوى تحدٍ مناخي تواجهه المملكة هذا العام، مع دعوة عاجلة للجميع بـضرورة اتباع تعليمات السلامة وتجنب المناطق المعرضة للسيول. اللحظات القادمة ستكتب التاريخ.