
قال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن موافقة دول عربية على خطته لغزة المكونة من 20 بندًا، دون الكشف عن هوية هذه الدول أو تفاصيل تواصلها لا يعدو كونه نوعًا من أنواع التوريط للدول العربية والإسلامية.
وأضاف “سلامة”، خلال لقائه مع الإعلامي محمد قاسم، ببرنامج “ولاد البلد”، المذاع على قناة “الشمس 2”، أنه ليس متصورًا أبدًا أن توافق الدول العربية والإسلامية، التي تُجاهد لوقف الحرب في قطاع غزة وحقن الدماء على خطة تُنهي الحق الفلسطيني ولا تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية، موضحًا أن جميع معالم هذه الخطة تقضي تمامًا على أي أمل لدولة فلسطينية.
وكشف عن الهدف الحقيقي وراء الغموض الأمريكي، وهو توريط الدول العربية، خصوصاً الدول الخليجية، في تمويل هذه الخطة، معقبًا: “الأمريكان مش عايزين يدفعوا.. لما تقرأ في تفاصيل البند الخاص بمجلس السلام بيقول لحضرتك إن هناك تمويلاً عربياً خليجياً لهذا الأمر”.
وأوضح أن هذا السعي للتمويل العربي هو ترجمة مباشرة لما قاله مسؤولون إسرائيليون سابقاً، بأن غزة عبارة عن كنز عقاري ستتقاسمه واشنطن وتل أبيب للثروات الموجودة فيه بمنتهى البجاحة السياسية، مشددًا على أنه من المستبعد تمامًا أن تضع الإدارة الأمريكية خطة تنتهي بدولة فلسطينية، وهي الإدارة التي لا تعترف للفلسطينيين بحقوقهم، بل كانت في صدارة المعترضين على أي اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية.
وتابع: المسألة مستبعدة تمامًا.. الشيطان يكمن في التفاصيل؛ الأطر العامة قد تكون جاذبة، لكن لما تبص جواها بعمق تكتشف أنها على حساب القضية الفلسطينية.
وبالانتقال إلى المشهد الإسرائيلي، حيث أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو موافقته على الخطة ثم تبعه تذبذب داخل حكومته، وصف الدكتور حسن سلامة هذا التباين بأنه “نفس الفكرة اللي بيلعب بها نتنياهو.. يراوغ ويكسب وقت ويماطل ويسوف”، موضحًا أن نتنياهو أعلن قبوله أمام الإعلام العالمي لكسب رضا ترامب، لكنه بمجرد عودته إلى تل أبيب، أفرغ الخطة من محتواها، خاصةً فيما يتعلق بالسيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة.
ولفت إلى أن ترجمة النص تقول انسحاب تدريجي دون أجل زمني لسلطات الاحتلال الإسرائيلي.. ممكن نقعد ننسحب 10 سنين 20 سنة، لأنه قارن هذا الانسحاب بحجم نزع السلاح من حماس، موضحًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعمد وضع هذه التفاصيل ليفرغ النصوص العامة من محتواها، لكي تكون لديه الذريعة بأن حركة حماس هي التي رفضت، وبالتالي يستمر في التصعيد والضغط على غزة.
وفي محاولة لتحليل العلاقة بين ترامب ونتنياهو في صياغة هذه الخطة، تساءل قائلًا: “مين بيستخدم مين؟، هل ترامب هو اللي بيأثر على نتنياهو.. ولا نتنياهو هو اللي بيوظف ترامب ويستخدمه للحصول على الدعم والضوء الأخضر؟”، موضحًا أن الوقائع تُشير إلى أن “الاثنين بيلعبوا ببعض، كل واحد بيدور على مصالحه”.
واستطرد: “نتنياهو أدرك جيدًا أن ترامب هو مطور عقاري لا يعنيه سوى المصالح والثروة والموارد؛ ففتح شهيته بإن الأمريكان هييجوا قطاع غزة هيشوفوا الغاز اللي موجود على ساحل غزة وغيره من الثروات والموارد ونبدأ نقتسمها مع بعض، مشيرًا إلى أن هذا التوافق بين طريقة تفكير ترامب كمطور عقاري وأجندة نتنياهو لا يساوي في النهاية إلا مزيدًا من الشهداء، ومزيدًا من المصابين، ومزيدًا من المفقودين.