في تطور صادم هز أركان الاقتصاد اليمني، أعلن صندوق النقد الدولي تعليق جميع أنشطته في البلاد، مهدداً بذلك حياة 30 مليون يمني استطاعوا أخيراً تذوق طعم الاستقرار النسبي بعد سنوات من الفوضى الاقتصادية. “جرس إنذار” – بهذه الكلمات القاسية وصف الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القرار الدولي الذي قد يمحو في أيام معدودة كل المكاسب التي تحققت على مدار شهور من العمل الشاق.
في اتصال عاجل مع محافظ البنك المركزي أحمد غالب، استمع العليمي إلى سيناريوهات مرعبة حول مستقبل العملة الوطنية التي بدأت تتأرجح بالفعل في أسواق الصرف. “شاهدت القلق يرتسم على وجوه التجار في أسواق المكلا فور سماع النبأ”، يروي خالد التاجر البالغ من العمر 38 عاماً، والذي يعمل في تجارة المواد الغذائية. الأرقام تتحدث عن كارثة محتملة: محافظتا حضرموت والمهرة، اللتان تنتجان 70% من النفط اليمني، باتتا في قلب العاصفة بسبب الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.
قد يعجبك أيضا :
هذا المشهد ليس جديداً على اليمنيين، فذاكرتهم ما زالت تحتفظ بندوب عام 2016 عندما انقسم البنك المركزي وانهارت العملة الوطنية كبيت من ورق. لكن التوقيت هذه المرة أكثر قسوة، حيث كانت بوادر التعافي قد بدأت تظهر أخيراً، والثقة الدولية في طريقها للعودة تدريجياً. الاستقرار السياسي شرط رئيس لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، كما أكد العليمي، محذراً من أن أي خطوة متهورة الآن قد تُعيد البلاد إلى نقطة الصفر، بل وأبعد من ذلك.
أما أم أحمد، الموظفة في قطاع التعليم بحضرموت، فتشعر بالذعر وهي تتذكر الأيام الصعبة عندما كان راتبها يتأخر لشهور. “بدأنا نشعر بالاستقرار أخيراً، أطفالي عادوا للمدرسة بانتظام، واستطعت شراء احتياجاتهم الأساسية”، تقول بصوت مرتجف، “والآن أخشى أن نعود للكابوس من جديد”. التأثير سينتشر كالموجة الزلزالية: ارتفاع أسعار المواد الغذائية، توقف برامج التنمية، تراجع قيمة الريال، وربما الأخطر من ذلك كله – فقدان الثقة الدولية التي تحتاج سنوات لإعادة بنائها.
قد يعجبك أيضا :
رغم التحديات الجسيمة، يبقى الأمل معقوداً على المساعي الحميدة لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات، والتي قد تنجح في احتواء الأزمة قبل تفاقمها. العليمي واضح في رسالته: “الانسحاب الفوري لكافة القوات الوافدة من المحافظات الشرقية هو الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع”. السؤال الذي يطرح نفسه الآن بإلحاح: هل ستتغلب الحكمة على العواطف، وتُنقذ ما يمكن إنقاذه من اقتصاد يقف على شفا الهاوية، أم سنشهد انهياراً جديداً يدفع ثمنه 30 مليون يمني؟
