
قطر و”اعتذار” نتنياهو.. أزمة السيادة وحدود الوساطة.. ،
في قلب المشهد، برزت قطر بملف حساس أعاد خلط الأوراق. فبعدما طال العدوان الإسرائيلي قادة من حركة حماس على أراضيها، وجدت الدوحة نفسها أمام استحقاق غير مسبوق: هل يمكن أن تقبل أن تُستباح سيادتها بهذا الشكل، وهي التي طالما قدّمت نفسها وسيطًا محوريًا في النزاعات؟
الطلب القطري الواضح باعتذار علني من نتنياهو لم يكن مجرد إجراء بروتوكولي، بل محاولة لترميم ما تبقى من صورة الوساطة، وإثبات أن استضافة قادة الفصائل لا تجعل أراضيها ساحة مباحة للاستخبارات الإسرائيلية. السؤال الأخطر: هل يقتصر الاعتذار على “الضرر القطري” فقط – مقتل ضابط أمني – أم يشمل حركة حماس وما تمثله من بُعد مقاوم؟
الدوحة، وهي تدرك مزاج الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، تعلم أن مجرد اعتراف إسرائيلي بالخطأ قد يُعدّ سابقة سياسية. لكن حتى لو جاء الاعتذار، فسيظل ناقصًا إن فُصل بين سيادة قطر وبين استهداف “المقاومة” التي احتضنتها طويلاً.
في المقابل، رفعت السعودية منسوب رسائلها باتجاه تل أبيب. حين لوّحت الرياض بأن أي خطوة إسرائيلية لضم الضفة الغربية ستغلق أبواب التطبيع، فإنها لم تكتفِ بالتحذير، بل لوّحت بسلاح فعّال: إغلاق مجالها الجوي مجددًا أمام الطائرات الإسرائيلية، بعد أن كان قد فُتح عام 2022.
هذا التهديد، وإن بدا في ظاهره ورقة ضغط تقليدية، إلا أنه يعكس انتقالًا في موقف المملكة من خانة “المراقب الحذر” إلى خانة “اللاعب الممسك بأوراق الردع”. وهو تطوّر يضع السعودية في قلب أي تحالف قادم، لا كحليف ثانوي، بل كركيزة توازن إقليمي.