في ساعات قليلة تحولت شوارع الحديدة إلى أنهار مؤقتة بعمق 50 سم، و500 ألف مواطن وجدوا أنفسهم بدون كهرباء في لحظة واحدة لحماية أرواحهم من كارثة محققة. قرار فصل التيار الكهربائي اتخذ في دقائق معدودة قبل تفاقم الوضع، في مشهد يذكرنا بأن الطبيعة لا تحتاج سوى لحظات لتغيير حياة مدينة بأكملها.
أحمد الحديدي، صاحب محل إلكترونيات، يروي صدمته: “شاهدت المياه تدخل المحل وأنا عاجز عن إنقاذ البضائع، خسرت ما يقارب 50 ألف ريال في ساعة واحدة.” وبينما كان أحمد يواجه خسائره، كان المهندس سالم العامري رئيس فريق الطوارئ يقود عمليات الفصل السريع للكهرباء في سباق مع الزمن. “كل دقيقة تأخير كانت تعني خطراً على حياة آلاف المواطنين”، قال العامري وهو يتابع انتشار فرقه في جميع أنحاء المحافظة.
قد يعجبك أيضا :
ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها الحديدة تحدي الأمطار الغزيرة. د. محمد الصنعاني، خبير الأرصاد، يؤكد أن هذه الأمطار تشبه فيضانات عام 2008 التي استمرت ثلاثة أيام وغيرت وجه المدينة. “المشكلة ليست في الأمطار المباركة، بل في البنية التحتية القديمة التي لم تعد قادرة على مواكبة التغيرات المناخية”, أضاف الصنعاني. المنطقة الساحلية التي تشهد نمواً سياحياً متزايداً تحتاج استثمارات عاجلة في أنظمة الصرف والشبكة الكهربائية.
فاطمة المقطري، ربة منزل، تصف كيف تغيرت حياتها في لحظة: “كنت أحضر الإفطار عندما انقطعت الكهرباء فجأة، خرجت لأجد شارعنا قد تحول إلى نهر صغير تنعكس عليه أضواء السيارات المتبقية.” التأثير لم يقتصر على المنازل، فالمتاجر أغلقت أبوابها، والمدارس أجلت بداية اليوم الدراسي، بينما ارتفعت مبيعات المولدات الكهربائية بشكل جنوني. الآن، المواطنون يواجهون تحدي العودة للحياة الطبيعية، والاستثمار في حلول الطاقة البديلة بات ضرورة وليس مجرد خيار.
قد يعجبك أيضا :
أمطار مباركة كشفت تحديات حقيقية، واستجابة سريعة أنقذت الأرواح، لكن الحديدة تحتاج استثماراً عاجلاً في البنية التحتية لمواجهة التحديات المناخية المستقبلية. على المواطنين الاستعداد للطوارئ، وعلى الحكومة تسريع خطط التطوير. السؤال الآن: هل ستتحول أمطار الخير إلى فرصة حقيقية للتطوير، أم ستبقى تحدياً يتكرر مع كل موسم مطر؟
