صراحة نيوز- بقلم – علاء الصادق
الناطق الرسمي باسم نادي الجزيرة
ما حققه منتخبنا الوطني في السنوات الأخيرة يُعد إنجازاً تاريخياً بكل المقاييس؛ التأهل إلى كأس العالم، ووصافة كأس آسيا، ووصافة كأس العرب، هي محطات مشرّفة تُسجَّل لهذا الجيل الذي قدّم صورة مشرفة عن الكرة الأردنية ورفع اسم الوطن عالياً في المحافل القارية والدولية.
ولا بد بدايةً من التأكيد على احترامنا الكبير لهذا الجيل الرائع من اللاعبين، وللجهازين الفني والإداري، ولكل من أسهم في صناعة هذه النجاحات التي أسعدت الشارع الرياضي الأردني.
لكن، وفي الوقت ذاته، فإن الحديث عن هذه الإنجازات يجب أن يترافق مع نقاش واقعي ومسؤول حول مستقبل الكرة الأردنية، وكيفية ضمان استمرار هذه النجاحات، وعدم تحوّل المنتخب الوطني إلى حالة مؤقتة أو “طفرة” مرتبطة بجيل بعينه.
إن استدامة الإنجاز تبدأ من القاعدة، والقاعدة الحقيقية لكرة القدم هي الأندية، وبشكل خاص الفئات العمرية. فالمنتخبات لا تُبنى بين ليلة وضحاها، بل هي نتاج سنوات طويلة من العمل، والتأسيس، والتدرّج الصحيح داخل الأندية.
ومن خلال التجربة، يمكن الإشارة بوضوح إلى نادي الجزيرة كنموذج حي على هذا النهج، حيث كان وما زال أحد الأندية التي أسهمت بشكل مباشر في رفد المنتخبات الوطنية بلاعبين مميزين. فقد تأسس عدد من لاعبي المنتخب الحاليين في نادي الجزيرة، وتدرجوا من الفئات العمرية إلى الفريق الأول، قبل أن يصلوا إلى المنتخب الوطني، وهو ما يؤكد أهمية البناء الصحيح والعمل بعيد المدى.
ولا يمكن الحديث عن تطوير الأندية دون التوقف عند مسألة الدعم، فدعم الأندية ضرورة لا غنى عنها في هذه المرحلة، لكنه في الوقت نفسه لا يجب أن يكون حلاً دائماً. فالمستقبل يتطلب تحوّل الأندية إلى مؤسسات قادرة على الاستثمار والاستدامة، حتى تتمكن من الاستمرار مالياً وفنياً، وتطوير بنيتها التحتية، وفئاتها العمرية، وكوادرها الفنية.
هذا التحوّل نحو الاستثمار لا يمكن أن يتحقق بجهود الأندية وحدها، بل يحتاج إلى مساندة حقيقية من أصحاب القرار، من خلال تشريعات واضحة، وحوافز، وبيئة استثمارية جاذبة، تُمكّن الأندية من العمل بشكل احترافي ومستقر.
إن الحفاظ على مسيرة هذا الجيل، وضمان استمرار نجاح المنتخب الوطني، يبدأ من أندية قوية، مستقرة، ومؤهلة، لأن المنتخبات تُبنى من الأندية، وليس العكس.
وإذا أردنا أن نفرح بإنجازات متواصلة في المستقبل، فعلينا أن نبدأ اليوم بالاستثمار الحقيقي في الأندية وفئاتها العمرية، حتى تبقى الكرة الأردنية على الطريق الصحيح.