“الذهب الأسود” في خطر.. سياسات ترامب تهدد عرش النفط الأمريكي رغم الأرقام القياسية
الاربعاء 16 ابريل 2025 | 12:27 مساءً

مخزونات النفط الأمريكية
على الرغم من احتفال قطاع النفط الأمريكي بأرقام تصدير قياسية خلال عام 2024؛ حيث تجاوزت الشحنات حاجز الـ 4.1 مليون برميل يوميًا، فإن سحبًا داكنة بدأت تلوح في الأفق.
محللون بارزون في القطاع يحذّرون من أن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد تقلّب الطاولة على هذه المكاسب، وتحول مسار تدفق “الذهب الأسود” الأمريكي نحو الانكماش.
فبينما تتباهى بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بتسجيل صادرات النفط الخام رقمًا قياسيًا جديدًا في عام 2024، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق لعام 2023، فإن نظرة فاحصة تكشف عن تباطؤ مقلق في وتيرة النمو السنوي للصادرات؛ حيث تراجعت من 14% في 2023 و21% في 2022 إلى مجرد 1% في العام الماضي.
“الحرب التجارية” تهدد شهية الصين للنفط الأمريكي
يُرجع أرن لوهمان راسموسن، كبير المحللين في Global Risk Management، هذا التباطؤ جزئيًا إلى تداعيات “الحرب التجارية” المستمرة.
ورغم أن الرسوم الجمركية لم تؤثر بشكل مباشر على صادرات النفط حتى الآن، يحذر راسموسن من أن “الصين قد لا تشتري مثل الغاز الطبيعي المسال نتيجة للحرب التجارية المتبادلة، لذلك قد يكون التأثير طفيفًا على صادرات النفط الأمريكية”.
أسعار النفط المنخفضة تضعف الحافز
عامل آخر يلقي بظلاله على مستقبل الصادرات الأمريكية هو الانخفاض الحالي في أسعار النفط العالمية. يرى راسموسن أن هذا الانخفاض سيؤدي إلى تباطؤ الصادرات ونمو الإنتاج الأمريكي.
ويستشهد باستطلاع حديث لبنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس؛ حيث أفاد منتجو النفط بأنهم بحاجة إلى سعر برنت يقارب 70 دولارًا للبرميل لتحقيق ربحية من عمليات الحفر الجديدة.
تكاليف التمويل المرتفعة تكبح الطفرة النفطية
بالإضافة إلى انخفاض الأسعار، يشير راسموسن إلى أن ارتفاع تكاليف التمويل بسبب اتساع فروق الائتمان لشركات الحفر الأمريكية سيساهم في عدم حدوث طفرة جديدة في إنتاج النفط الأمريكي. ويتوقع عدم زيادة كبيرة في عمليات الحفر خلال الفترة الحالية، على الرغم من أن زيادة الاستثمار في قطاع النفط والغاز قد يزيد الطلب المحلي على الطاقة في الولايات المتحدة على المدى الطويل.
منافسة شرسة في الأسواق الآسيوية
يتفق ديفيد جوربناز، محلل أسواق النفط في ICI، مع هذا التحليل، مؤكدًا أن تباطؤ نمو الصادرات الأمريكية يعود بشكل رئيسي إلى ضعف الطلب من مشترين رئيسيين مثل الصين، واشتداد المنافسة في الأسواق الآسيوية من النفط الخام الروسي والفنزويلي والإيراني.
“حالة طوارئ الطاقة” ترمب تهدد الصادرات
يحذر جوربناز من أن إعلان الرئيس ترمب حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة، إلى جانب فرض تعريفات جمركية جديدة وتوترات تجارية أوسع نطاقًا، خاصة مع الصين، من المرجح أن يلقي بظلال ثقيلة على صادرات النفط الأمريكية. ويرى أن التعريفات الجمركية الانتقامية وتباطؤ النشاط الاقتصادي في وجهات التصدير الرئيسية يُقللان الطلب العالمي على النفط، ما يجعل الخام الأميركي أقل تنافسية وجاذبية على الصعيد الدولي.
ونفى فرض أي قيود إضافية على صادرات المنتجين الخاضعين للعقوبات، مثل روسيا وفنزويلا وإيران، سيواجه المصدرون الأميركيون صعوبة في الحفاظ على حصتهم السوقية.
أسعار النفط المنخفضة تزيد الأزمة
يشير جوربناز إلى أن انخفاض أسعار النفط العالمية، وهبوط خام غرب تكساس الوسيط إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل، سيزيد من تعقيد التوقعات؛ حيث ستتقلص هوامش ربح منتجي النفط الصخري الأمريكيين، مما قد يؤدي إلى انخفاض عمليات الحفر وضغوط مالية وعمليات دمج، وبالتالي تقييد أحجام الصادرات المستقبلية.
توقعات قاتمة على المدى القريب
يخلص جوربناز إلى أنه من المرجّح أن تنخفض صادرات النفط الأميركية أو تشهد ركودًا على المدى القريب”؛ حيث ستؤدي التوترات التجارية، وانخفاض الأسعار، وتزايد المنافسة العالمية إلى انخفاض الطلب الدولي على النفط الأمريكي، ما لم تحدث اضطرابات جيوسياسية كبيرة، تحد من إمدادات المنافسين. ويتوقع أن “تُحوّل سياسات ترامب سوق النفط الأميركي نحو الداخل، معطية الأولوية للاستهلاك المحلي على نمو الصادرات.
تراجع الإنتاج الأمريكي على المدى الطويل
في سياق متصل، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يصل إنتاج النفط الأمريكي إلى ذروته عند 14 مليون برميل يوميًا خلال العام بعد المقبل، قبل أن يبدأ في التراجع بشكل سريع ليصل إلى نحو 11.3 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2050.
يبدو أن “العصر الذهبي” لصادرات النفط الأمريكية قد يكون مهددًا بسياسات داخلية وخارجية متغيّرة، مما يثير تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة، على الحفاظ على مكانتها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمي.
نقلا عن الجريدة العقارية