مدينة صناعة”البوتوكس” مهددة بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية

مدينة صناعة”البوتوكس” مهددة بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية

تعيش بلدة “ويستبورت” الأيرلندية، التي تحتضن أكبر سلسلة لإنتاج أدوية إزالة التجاعيد في العالم، حالة من التوتر والقلق منذ اندلاع موجة الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضد معظم دول العالم.

وتخشى البلدة أن تؤدي هذه الضغوط الجمركية والتهديدات المتواصلة إلى إغلاق فروع الشركات الأمريكية العاملة في أيرلندا، ما قد يدفع المستثمرين إلى نقل أنشطتهم مجددًا إلى الأراضي الأمريكية.

وفي تقرير موسع لصحيفة فاينانشيال تايمز، أُشير إلى أن اقتصاد ويستبورت يعتمد بشكل كبير على المنشآت التشغيلية التابعة لشركة الأدوية الأمريكية “آبفيي”، التي توظف نحو 1500 شخص وتختص بإنتاج أدوية إزالة التجاعيد.

وتُعد أيرلندا مركزًا حيويًا لعمالقة صناعة الأدوية الأمريكية، حيث أسست شركات مثل “فايزر”، و”إيلي ليلي”، و”جونسون آند جونسون” مصانعها لإنتاج أدوية وعقاقير أساسية.

وفي فبراير الماضي، شكّلت المنتجات الكيماوية والطبية 91% من إجمالي صادرات أيرلندا إلى الولايات المتحدة، والتي بلغت قيمتها نحو 20 مليار جنيه إسترليني خلال أول شهرين من العام الجاري، مقارنة بـ44 مليارًا في عام 2024 بأكمله، بحسب البيانات الرسمية.

ورغم أن السلع الصيدلانية ما زالت معفاة من الجمارك، فإن وزير الخارجية والتجارة الأيرلندي، سيمون هاريس، وصف فرض ضرائب أثناء المفاوضات التجارية بأنه “أمر غير مناسب” بل و”مستغرب”.

وتحذر الصحيفة من أن هذا الإعفاء قد لا يدوم، خاصة بعد أن بدأت وزارة التجارة الأمريكية تحقيقًا بموجب المادة 232، والتي تسمح بفرض قيود على الواردات بدعوى حماية الأمن القومي. وقد تُفرض الرسوم خلال شهر أو شهرين، بحسب وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك.

وتواجه “آبفيي” منافسة متزايدة في السوق، حيث لم تعد مادة “البوتوكس” حكرًا عليها، إذ ظهرت منتجات مماثلة مثل “دايزبورت” من شركة “إبسين” الفرنسية، و”زيومين” من شركة “ميرتس” الألمانية.

مع ذلك، تؤكد “آبفيي” ثقتها في الحفاظ على صدارتها، خاصة أن إيرادات “البوتوكس” كمستحضر تجميلي بلغت 2.72 مليار دولار العام الماضي، بينما سجلت إيراداته كعقار علاجي نحو 3.3 مليار دولار.

ويُتوقع أن ترفع الرسوم الجمركية أسعار هذه الأدوية، خصوصًا أن استخدام “البوتوكس” لأغراض تجميلية لا يغطيه التأمين الصحي في الولايات المتحدة.

وكانت “آبفيي” قد استثمرت 160 مليون جنيه إسترليني في إنشاء مصنع بيولوجي في ويستبورت عام 2020. ويؤكد المستشار المحلي بيتر فلاين، الذي شغل سابقًا منصب المدير الدولي للضرائب والتمويل في شركة “أليرجان” التابعة لـ”آبفيي”، أن “نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة لا يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها”.

وتعد أيرلندا ثالث أكبر مصدر للأدوية عالميًا، وتضم نحو 90 موقعًا إنتاجيًا يزوّد دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وقد شهد هذا القطاع استثمارات تجاوزت 10 مليارات جنيه إسترليني خلال العقد الماضي.

أما دول مثل الدنمارك وسويسرا وسنغافورة، فهي أيضًا تحت مجهر السياسات الحمائية التي تبناها ترامب، ما دفع العديد من شركات الأدوية إلى الإعلان عن استثمارات ضخمة في الولايات المتحدة.

فقد تعهدت “جونسون آند جونسون” باستثمار 55 مليار دولار خلال أربع سنوات، وأعلنت “إيلي ليلي” عن 27 مليار دولار، بينما كشفت “نوفارتيس” السويسرية مؤخرًا عن خطط لضخ 23 مليار دولار في التصنيع والبحث والتطوير.

وحذر رؤساء شركات الأدوية في رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، من أن أوروبا قد تخسر ما يصل إلى 100 مليار جنيه إسترليني خلال السنوات الخمس المقبلة، بسبب الرسوم الأمريكية والتغييرات المقترحة في قوانين الملكية الفكرية بالاتحاد الأوروبي.

وفي ختام تقريرها، أشارت فاينانشيال تايمز إلى أن إنشاء مصانع جديدة للأدوية يتطلب موافقات تنظيمية قد تستغرق سنوات، مما يعني أن نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة ليس خيارًا سريعًا، لكن كبار التنفيذيين حذروا من أنهم سيضطرون إلى تقليص استثماراتهم في أيرلندا مستقبلاً إذا استمرت هذه التهديدات الجمركية.

نقلا عن البورصة

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *