في مشهد يشبه سقوط أسطورة عريقة، تتهاوى أمام أعين اليمنيين آخر خيوط الأمل الاقتصادي، حيث فقد راتب المعلم اليمني في 24 ساعة فقط قيمة وجبة عشاء واحدة. الصدمة الحقيقية تكمن في أن الدولار الواحد اليوم يشتري ما كان يشتريه 8 دولارات قبل 11 عاماً، في انهيار اقتصادي يفوق كل التوقعات السوداء.
الأرقام تحكي مأساة حقيقية: في صنعاء، وصل سعر الدولار إلى 535 ريالاً يمنياً، بينما في عدن يتراوح بين 1620 و1627 ريالاً – فارق صادم يبلغ 204% بين مدن البلد الواحد. أم فيصل، معلمة من عدن، تروي مأساتها بصوت مختنق: “راتبي الشهري بات يساوي سعر وجبتين في مطعم متوسط، كيف أطعم أطفالي الثلاثة؟” هذا الانهيار البالغ 656% منذ 2014 يحول مدخرات العمر إلى أوراق بلا قيمة.
قد يعجبك أيضا :
الرحلة المأساوية بدأت عام 2014 عندما كان الدولار يعادل 215 ريالاً يمنياً فقط. الحرب الأهلية، الانقسام السياسي، وتوقف الصادرات النفطية خلقت عاصفة مثالية من الانهيار. د. عبدالله المخلافي، الخبير الاقتصادي، يحذر بقوة: “نحن أمام انهيار يشبه انهيار الليرة اللبنانية في 2019، لكن بوتيرة أسرع وتأثير أقسى على شعب منهك أصلاً”. التوقعات تشير إلى سيناريوهات أكثر قتامة في الأشهر القادمة.
في الأسواق اليمنية، تتصاعد رائحة الخوف مع كل صوت طقطقة للآلات الحاسبة في محلات الصرافة. محمد علي، أب لثلاثة أطفال من تعز، يصف الوضع: “أصبحت أحسب كل ريال قبل إنفاقه، أطفالي يسألونني عن الحليب وأنا عاجز عن الإجابة”. النتائج المباشرة مرعبة: أمهات يقطعن الدواء عن أطفالهن، طلاب يتركون الجامعات، وعائلات بأكملها تفكر جدياً في الهجرة كحل أخير للنجاة من هذا الجحيم الاقتصادي.
قد يعجبك أيضا :
الريال اليمني يذوب مثل مكعب الثلج تحت شمس الصحراء، وكل دقيقة تمر تتآكل معها أحلام مليون يمني. المجتمع الدولي مطالب اليوم بتدخل فوري وحاسم قبل أن نشهد انهياراً إنسانياً لا رجعة فيه. السؤال المؤلم الذي يطرح نفسه: هل سيشهد العالم سقوط شعب كامل صامتاً؟