“حرب الجيران”.. الهند تطرد الباكستانيين والرد بـ’ضربة قاتلة’ للاقتصاد


الخميس 24 ابريل 2025 | 02:40 مساءً

الهند وباكستان

الهند وباكستان

ميسون أبو الحسن

في تطوّر مفاجئ ينذر بعواقب اقتصادية وخيمة، أعلنت الهند اليوم الخميس عن قرارها الصادم بطلب مغادرة جميع المواطنين الباكستانيين من أراضيها بحلول التاسع والعشرين من أبريل الجاري، وذلك على خلفية تبادل حاد للاتهامات بين الجارتين بشأن تأجيج التوترات الحدودية ودعم ما وصف بـ “الإرهاب العابر للحدود”.

ولم تتأخر باكستان في الرد على هذا التصعيد الدبلوماسي والسياسي؛ حيث اتخذت إجراءات مقابلة شملت إغلاق مجالها الجوي والمعابر الحدودية المشتركة مع الهند بشكل كامل، ووقف التبادل التجاري بين البلدين تمامًا، بالإضافة إلى طرد دبلوماسيين هنود وتعليق إصدار التأشيرات لمواطني الهند.

ورغم أن حجم التبادل التجاري بين الهند وباكستان كان محدودًا نسبيًا في السنوات الأخيرة، فإن هذه الخطوة تمثل ضربة قاصمة لما تبقى من روابط اقتصادية هشة بين الدولتين الجارتين. فبعد أن بلغ حجم التجارة الثنائية ذروته عند 3.6 مليار دولار في عام 2018، تدهور بشكل ملحوظ ليصل إلى 2.3 مليار دولار فقط في عام 2022، متأثرًا بالنزاعات السياسية المتصاعدة.

ويعتمد قطاع لا يستهان به من المصدرين والمستوردين في كلا البلدين، خاصة في الصناعات الغذائية والمنسوجات والأدوية، على قنوات التجارة البرية والجوية التي تربط بينهما، والتي أصبحت الآن مغلقة تمامًا، مما يهدد بتعطيل سلاسل الإمداد الحيوية في العديد من المناطق الحدودية وإلحاق الضرر بالعديد من الشركات والأفراد.

وتسيطر على الأسواق مخاوف متزايدة من أن استمرار هذا التصعيد الخطير قد يؤثر سلبًا على مناخ الاستثمار العام في منطقة جنوب آسيا بأكملها، خاصة مع عودة المستثمرين الدوليين إلى إعادة تقييم المخاطر الجيوسياسية المرتفعة في هذه المنطقة الحساسة من العالم.

كما يخشى المراقبون من أن يؤدي هذا التوتر المتصاعد إلى زيادة تقلبات العملة المحلية في باكستان، التي تواجه بالفعل تحديات اقتصادية ضخمة تتعلق بارتفاع معدلات التضخم وتراجع احتياطي العملات الأجنبية، مما قد يزيد من الضغوط على اقتصادها الهش.

وفي حال استمرت باكستان في تهديدها باعتبار أي تدخل هندي في مياه نهر السند عملًا من أعمال الحرب، فقد تتسع رقعة الأزمة لتشمل قطاعات حيوية أخرى مثل الزراعة والطاقة، حيث تعتمد باكستان بشكل أساسي على مياه النهر لتوليد الطاقة الكهربائية وريّ مساحات واسعة من المحاصيل الزراعية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الداخلي المتردي.

وتأتي هذه التطورات الدراماتيكية في ظل تاريخ طويل الأمد من التوتر والعداوة بين الهند وباكستان، والذي يعود إلى عقود من الزمن ويرتبط بخلافات جيوسياسية وأمنية عميقة، وعلى رأسها قضية كشمير المتنازع عليها، بالإضافة إلى سلسلة من الحوادث السابقة التي تضمنت هجمات متبادلة عبر الحدود واتهامات بدعم جماعات مسلحة وتنفيذ عمليات تجسس.

ورغم المحاولات المتكررة لعقد جولات من المفاوضات بين البلدين، فإن العلاقات الثنائية ظلت حبيسة حالة من التوتر الدائم وعدم الثقة، مع تبادل مستمر للاتهامات بتمويل جماعات مسلحة وتنفيذ عمليات تجسس تستهدف الأمن القومي للطرف الآخر.

ومع تصاعد حدة الإجراءات المتخذة من كلا الجانبين، تبدو الروابط الاقتصادية الهشة بين الهند وباكستان على وشك الانهيار الكامل، في وقت تحتاج فيه منطقة جنوب آسيا إلى الاستقرار والتعاون الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة.

وبينما لا تزال فرص التهدئة والعودة إلى طاولة الحوار قائمة، فإن تكلفة هذا التأزم الراهن قد تكون باهظة، ليس فقط على الصعيد السياسي والأمني، بل على الصعيد الاقتصادي أيضًا، ما لم تتحرك الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة لاحتواء الموقف المتفجر قبل فوات الأوان.

نقلا عن الجريدة العقارية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *