1083 ريال يمني – هذا هو المبلغ الإضافي الصادم الذي تدفعه كل عائلة يمنية في عدن مقابل دولار واحد مقارنة بأسرة في صنعاء، في مشهد اقتصادي مأساوي يكشف عن انقسام نقدي مدمر يعصف بالبلاد. في بلد واحد، عملة واحدة، لكن أسعار تختلف بنسبة 205% صادمة حسب منطقة سكنك! كل ساعة تأخير في تحويل أموالك قد تكلفك مبلغاً إضافياً يعادل وجبة عائلة كاملة، والسؤال المرعب: هل هذا مجرد البداية؟
الريال اليمني يعيش حالة انفصام نقدي حادة تهز الاقتصاد من جذوره، حيث سجل الدولار الأمريكي سعراً قياسياً بلغ 1633 ريال في عدن مقابل 535 ريال فقط في صنعاء – فارق يزيد عن ثلاثة أضعاف كاملة داخل نفس البلد! أحمد المهاجر، مغترب يمني في السعودية، يروي مأساته: “أرسل 1000 دولار لأسرتي، لكنها تفقد ثلث قيمتها بمجرد وصولها إلى عدن… كأنني أرسل المال إلى بلد آخر تماماً.” صوت أجهزة الحساب في محلات الصرافة يختلط بجدال الزبائن الغاضبين، بينما تعرض الشاشات الإلكترونية أرقاماً تتراقص كالجنون.
قد يعجبك أيضا :
منذ عام 2014، تحولت اليمن إلى دولتين نقديتين بعملة واحدة، مخلفة فوضى اقتصادية غير مسبوقة تشبه ما حدث في ألمانيا المنقسمة أو كوريا الشمالية والجنوبية. الحرب الأهلية وتعدد السلطات النقدية فجرت الثقة بين المناطق، مما خلق “اقتصاد الانقسام” الذي يدفع ثمنه المواطن البسيط. د. علي الاقتصادي، المحلل المالي المختص، يحذر: “هذه الفجوة النقدية تدق ناقوس الخطر… نحن أمام تهديد حقيقي للوحدة الاقتصادية قد يستمر عقوداً.” البنك المركزي في عدن يؤكد نجاح إجراءاته في ضبط المضاربات، لكن الأرقام تحكي قصة مختلفة تماماً.
قد يعجبك أيضا :
فاطمة ربة البيت تقف عاجزة أمام محل البقالة، تحسب وتعيد الحساب: “راتب زوجي لا يكفي لشراء نفس الكمية التي اعتدنا عليها… العملة تنهار والأسعار تطير.” التأثير على الحياة اليومية بات كارثياً: الأسر تواجه صعوبة متزايدة في التخطيط المالي، بينما تتآكل القوة الشرائية بوتيرة مخيفة. المغتربون اليمنيون يفقدون ثلث قيمة تحويلاتهم في رحلة العبور من منطقة لأخرى، والتجار يجدون أنفسهم في مأزق لوجستي معقد يهدد استمرارية أعمالهم. رائحة الأوراق النقدية البالية تملأ محلات الصرافة، بينما تتراكم أكوام العملة المحلية كشاهد على مأساة اقتصادية حقيقية.
قد يعجبك أيضا :
الريال اليمني يعكس مرآة انقسام البلاد – عملة واحدة، قيمتان متناقضتان، وشعب واحد يدفع ثمناً مضاعفاً لحرب لم يختر خوضها. مستقبل العملة الوطنية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبل الوحدة السياسية، والطريق نحو الحل لا يزال محفوفاً بالمجهول. إلى متى سيبقى اليمني يدفع ثمن الحرب من لقمة عيشه؟ وهل ستصمد العملة الوطنية أمام هذا الانقسام المدمر الذي يهدد بابتلاع ما تبقى من الاقتصاد اليمني؟
