في إنجاز يتحدى قوانين الطبيعة ذاتها، نجحت المملكة العربية السعودية في بناء شبكة مياه اصطناعية عملاقة تمتد لـ 14,217 كيلومتراً – أكثر من ضعف طول نهر النيل العظيم! بينما تصارع دول العالم أزمة المياه المدمرة، تكتب السعودية فصلاً جديداً في تاريخ الهندسة البشرية، حيث تشق الأنهار الاصطناعية طريقها عبر الجبال الشاهقة بارتفاع 3,000 متر وبضغط يساوي وزن 15 فيلاً واقفة على متر مربع واحد.
في قلب الصحراء القاحلة، تقف محطة رأس الخير كمعجزة تقنية تتلألأ تحت الشمس، تنتج أكثر من مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً – كمية تكفي لملء 400 مسبح أولمبي كل 24 ساعة. المهندس سعد الوائلي، الذي قضى 20 عاماً من حياته في تصميم هذه الشبكة الاستثنائية، يروي بفخر: “شاهدنا المياه تتدفق عكس الجاذبية، تصعد من مستوى البحر إلى قمم الجبال بقوة لا تصدق.” الأنابيب الفولاذية اللامعة تمتد عبر الصحراء الذهبية كشرايين عملاقة تضخ الحياة في أرض كانت قاحلة لآلاف السنين.
قد يعجبك أيضا :
هذا الإنجاز لم يأت من فراغ، بل نشأ من معاناة تاريخية مع ندرة المياه في منطقة تحتل قلب أكبر صحراء رملية في العالم. أبو محمد، المزارع البالغ من العمر 65 عاماً، يتذكر بحزن: “كان أطفالي يسيرون ساعات لجلب دلو واحد من المياه، واليوم يفتحون الصنبور فتتدفق المياه الباردة النقية.” كما بنى المصريون الأهرامات قديماً ليتحدوا الزمن، بنت السعودية أهرامات المياه الحديثة لتتحدى الطبيعة ذاتها. الخبراء العالميون يؤكدون أن هذا المشروع غيّر مفهوم الهندسة المائية إلى الأبد، وبات يُدرّس في أرقى الجامعات كنموذج للإبداع الاستثنائي.
قد يعجبك أيضا :
التأثير لا يقتصر على الأرقام المبهرة فقط، بل يمتد ليغيّر حياة الملايين جذرياً. في مدينة الرياض وحدها، يضمن خزان بسعة 3 مليون متر مكعب – ما يعادل 9 مليارات قارورة مياه – استمرارية الحياة لأكثر من 7 ملايين نسمة. منصور العتيبي، سائق الشاحنة الذي يجوب المملكة طولاً وعرضاً، يشهد على هذا التحول: “أرى هذه الأنابيب العملاقة تشق الصحراء كأفاعي فولاذية، وأسمع هدير المضخات يدق كقلب عملاق لا ينام.” المزارعون يحتفلون بمحاصيل لم يحلموا بها، والأطفال يلعبون بالمياه دون خوف من النفاد، بينما تتحول المدن الصحراوية إلى واحات خضراء نابضة بالحياة.
قد يعجبك أيضا :
اليوم، بينما تصدر السعودية هذه التقنيات الثورية للعالم وتتحول إلى مركز عالمي لحلول المياه، تقف الدول الأخرى أمام سؤال محوري: إذا تمكنت السعودية من تحويل أقسى الصحاري إلى واحات مزدهرة، وإذا نجحت في بناء أنهار اصطناعية تتفوق على أعظم أنهار التاريخ، فماذا تنتظر باقي الدول التي تعاني من أزمة المياه لتحذو حذوها؟ الجواب قد يحدد مستقبل البشرية ذاتها في مواجهة أزمة المياه العالمية المتفاقمة.
