خاص| الإهمال الطبي وتدني الخدمات في المستشفيات الحكومية.. المرضى يدفعون الثمن

الدكتورة هناء سرور

يُعاني عدد كبير من المرضى من الإهمال و نقص المُستلزمات الطبية داخل المستشفيات الحكومية, وهو ما ينعكس سلبًا على حياة المرضى الذين يجدون أنفسهم أمام تحديات صعبة في الحصول على أبسط حقوقهم كالرعاية الصحية والعلاج.

ويشكو قطاع عريض من المواطنين في مختلف المحافظات من نقص الخدمات داخل المستشفيات والوحدات الصحية وتعطّل بعض الأجهزة الطبية، بالإضافة إلى خلو معظم الوحدات الصحية من الأطباء والتمريض.

ويقول شعبان صالح من محافظة القليوبية: "المستشفيات الحكومية بها قوائم انتظار كبيرة في قسم العمليات الجراحية ,بسبب نقص المستلزمات الطبية".

ويضيف لـ"بلدنا اليوم": "الوحدات الصحية لا تصلح لتقديم الخدمات حيث مبانيها المُتهالكة وافتقارها إلى العلاجات والأدوية بالإضافة إلى كونها غير مُجهّزة لاستقبال المرضى".

ويشهد عدد كبير من المستشفيات الحكومية تراجعًا في الخدمات المُقدّمة للمرضى ومن بينها مستشفى العياط المركزي الذي يفتقر للخدمات والمستلزمات الطبية ولا يوجد بها سوى طبيب واحد فقط وفقط لروايات المرضى، وخلال العام الماضي أحال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة, مدير المستشفى للتحقيق بسبب تراجع الخدمات داخل المستشفى, وعدم نظافة أماكن انتظار المرضى بالإضافة إلى عدم كفاءة تشغيل العمليات.

أما مستشفى الطوارىء بالمنصورة، فهو الآخر يفتقد كافة الخدمات للمرضى، لا أطباء ولا أسرّة, مئات المرضى يتكدّسون داخل أروقة المبنى ينتظرون لساعات طويلة حتى يجدون طبيبًا لعلاجهم وفقًا لما تقوله كاميليا مصطفى، من قرية تيرة بمحافظة الدقهلية.

وتضيف: "مستشفى الطورئ أصبح خاليا من الأطباء وطاقم التمريض وينعدم بها الخدمات، والمرضى يتكدسون يوميًا ينتظرون من يحنو عليهم لكن دون جدوى".

الزيات: أزمة نقص المستلزمات الطبية ليست وليدة اللحظة

الدكتور إبراهيم الزيات عضو مجلس نقابة الأطباء المُستقيل، أكد لـ"بلدنا اليوم"، أن أزمة نقص المستلزمات الطبية والأدوية في المستشفيات الحكومية ليست وليدة اللحظة ولكنها متواجدة منذ فترة طويلة، الأمر الذي يؤثّر على حياة المرضى وجودة الرعاية الصحية المقدمة, مشيرًا إلى أن هيئة الشراء الموحد ووزارة الصحة هما الجهتان المسؤولتان عن توفير هذه المستلزمات الطبية والأدوية للمرضى.

وعن سبب نقص الأدوية، أشار الزيات إلى أن التغير المستمر في سعر الدولار أدى إلى صعوبة استيراد بعض الأدوية والمستلزمات الطبية, مؤكدًا أن لمشكلة لم تقتصر فقط على الأدوية، بل تشمل أيضًا الأجهزة والمعدات الطبية، مما يجعل الأطباء عاجزين عن تقديم خدماتهم للمرضى، بالإضافة إلى تأخر العديد من العمليات الجراحية والإجراءات الطبية.

بيئة العمل داخل المستشفيات الحكومية غير مناسبة للأطباء

وتابع عضو مجلس نقابة الأطباء المُستقيل: "بيئة العمل داخل المستشفيات الحكومية غير مناسبة للأطباء، وذلك نظرًا لمعاناتهم من ضغط العمل الشديد، إضافة إلى نقص التدريب المستمر للكوادر الطبية، وهو ما ينعكس سلبًا على جودة الأداء الطبي", لافتًا إلى حدوث اعتداءات متكررة على الأطباء من قبل مرافقي المرضى، بسبب نقص الخدمات الطبية داخل تلك المستشفيات.

وطالب الدكتور إبراهيم الزيات، بضرورة إعادة توزيع بنود صرف ميزانية وزارة الصحة بطريقة أكثر ملاءمة للوضع الحالي، لضمان توفير المستلزمات الطبية وتحسين بيئة العمل داخل المستشفيات، بما يسهم في تقديم رعاية صحية أفضل للمواطنين.

وكشف الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان عن سبب صرف نوع دواء واحد فقط داخل المستشفيات الحكومية قائلًا إن المرضى يصرفون كميات كبيرة من الأدوية داخل المستشفيات الحكومية وهو ما يؤدي إلى زيادة العبء على الدولة المصرية, موضحًا أن أن خفض تكلفة استخدام المضادات الحيوية غير الضرورية توفّر للدولة نحو 10 مليارات جنيه.

الأخطاء الطبية والإهمال يُنهيان حياة المرضى

لم يتوقّف الأمر عند نقص الأدوية والمستلزمات الطبية وتدهور الخدمات داخل المستشفيات الحكومية ولكن تتفاقم الأزمة بظاهرة الإهمال والأخطاء الطبية التي تُنهي حياة البعض وتتسبب في مضاعفات خطيرة للبعض الآخر, وهو ما شهده مستشفى منوف العام بمحافظة المنوفية بعدما دفعت سيدة حياتها ثمنًا لخطأ طبي داخل المستشفى عندما ذهبت لتركيب وسيلة منع الحمل، دخلت على إثرها في غيبوبة لأكثر من 21 يومًا ولكنها فارقت الحياة.

لجنة طبية داخل كل مستشفى لمتابعة أسباب وفاة المرضى

وكشفت الدكتورة هناء سرور، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب لـ"بلدنا اليوم", وجود لجنة طبية متخصصة من الاستشاريين داخل كل مستشفى، لمراجعة حالات المضاعفات والوفيات ومعرفة أسبابها, وفي حال ثبوت وجود أخطاء طبية، يتم محاسبة المسؤولين ورفع الأمر إلى مديرية الصحة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

وأكّدت "سرور"، أنه جار الانتهاء من مسودة قانون المسؤولية الطبية، تمهيدًا لعرضه على الجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشته وإقراره، لضمان الحفاظ على حقوق المرضى والأطباء.

وتقدّم كل من النائب هشام حسين، والنائبة إيفلين متى، والنائبة سميرة الجزار، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، بشأن استمرار نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى غياب الأطقم الطبية وعدم توافر أجهزة حديثة، ونقص الأسرّة داخل أقسام العناية المركزة ووحدات الغسيل الكلوي في المستشفيات الحكومية.

وأكّدت الدكتورة هناء سرور، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن الدولة تتابع أزمة نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات الحكومية، والوحدات الصحية بمختلف المحافظات, بالإضافة إلى توفير الكوادر الطبية وتدريبها بشكل مستمر لضمان تقديم رعاية صحية متكاملة للمرضى.

وأوضحت "سرور" أن وزارة الصحة وجّهت المستشفيات الحكومية بشراء المستلزمات الناقصة من الميزانية الخاصة بها لضمان استمرارية تقديم الخدمات الطبية دون انقطاع.