يجمع خبراء كرة القدم على أن تنفيذ ركلات الجزاء هو أحد المهارات التي لا يمكن أن يتقنها أي لاعب في العالم، بالرغم من أن قرب المسافة التي تفصل اللاعب عن نقطة الهدف وحجم المرمى يجعلان تسجيله من علامة الجزاء أمراً سهلاً بالنسبة للكثيرين، لكنّ العديد من الدراسات برهنت على أن الأمر يتطلب مهارة من نوع خاص، فتسديد ركلات الجزاء لا يعتمد على مهارة اللاعب فحسب، وإنما على قدرته في التفوق في المعركة الذهنية مع حارس مرمى الفريق المنافس، وكذلك على تحمل الضغوطات التي يمكن أن يواجهها في تلك اللحظة التي تجعله محط أنظار الكثيرين في المدرجات أو حتى عبر الشاشات.
وفي مطلع الأسبوع الحالي سجل الإنجليزي هاري كين نجم بايرن ميونخ ركلتي جزاء لفريقه أمام فيردر بريمن في الجولة 21 من بطولة الدوري الألماني، ليرفع رصيده إلى 29 ركلة ناجحة بشكل متتالي من علامة الجزاء مسجلاً رقماً قياسياً عالمياً غير مسبوق، متجاوزاً الرقم السابق المسجل باسم البرتغالي كريستيانو رونالدو والبلجيكي روميلو لوكاكو بـ26 ركلة متتالية، وليبرهن بأنه أحد أفضل اللاعبين المتخصصين في تنفيذ ركلات الجزاء بالرغم من أن اللاعب الإنجليزي أهدر في كأس العالم 2022 واحدة من أهم الركلات التي نفذها في مسيرته، التي كان يمكن أن تقلب موازين مباراة منتخب بلاده أمام فرنسا وربما تعيد رسم خارطة التاريخ المونديالي في ذلك اليوم.
"أستاذ" ركلات الجزاء
على مر التاريخ أطلق لقب (مستر بنالتي) أو بما معناه "أستاذ" ركلات الجزاء على العديد من النجوم اللاعبين الذين اشتهروا بتنفيذهم الناجح لها، ولعل من أبرزهم الإيطالي روبرتو باجيو الذي يعد اللاعب الإيطالي الوحيد الذي سجل في ثلاث نسخ مختلفة من بطولة كأس العالم وبرصيد إجمالي وصل إلى تسعة أهداف ما جعله أفضل هدافي الآزوري الموندياليين إلى جانب كريستيان فييري وباولو روسي.
لكن بالرغم من أنه كان من اللاعبين القلائل الذين أهدروا ركلات جزاء عبر مسيرتهم حيث وصلت نسبته إلى 85% بعد نجاحه في تسجيل 106 ركلات في مسيرته، فإن باجيو لا يعتبر اللاعب الأفضل من حيث نسبة التسجيل بالنسبة للاعبين الذين أوكلت إليهم مهمة تنفيذ الركلات بشكل دائم في مسيرتهم، إذ يحتل المدافع الهولندي الشهير رونالد كومان (والمدرب الحالي لمنتخب هولندا) المركز الأول على مستوى نسبة التسجيل بـ94% حيث سجل في مسيرته 122 هدفاً من علامة الجزاء، ويأتي خلفه البولندي روبرت ليفاندوفسكي بـ97 ركلة ناجحة وبنسبة 90%..
لكن صدارة الترتيب من حيث عدد ركلات الجزاء المسجلة منذ مطلع الألفية الثالثة (أي منذ عام 2000) يبقى مسجلاً باسم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي سجل 182 ركلة جزاء في مسيرته المستمرة حتى الآن بنسبة 85% من الركلات المنفذة.
ويحتل ثلاثة لاعبين المركز الثاني بالتساوي بـ122 ركلة ناجحة وهم الهولندي كومان، الأرجنتيني ليونيل ميسي (بنسبة 79%) والبرازيلي هالك بنسبة (83%)، ويأتي الإيطالي باجيو في المركز الخامس بـ106 ركلات، ثم ليفاندوفسكي بـ97 ركلة ناجحة.
ولا يبدو الإنجليزي هاري كين بعيداً عن الوصول إلى نادي المئة بفضل نجاحه المميز في تنفيذ الركلات التي يحصل عليها بايرن ميونخ بكثرة في مبارياته، إذ وصل إلى 93 ركلة بنسبة نجاح بلغت 89% علماً أن البرازيلي نيمار سجل أيضاً 93 ركلة جزاء ناجحة ولكن بنسبة 83% من النجاح.
فيما يكمل عقد العشرة الأوائل على العالم في هذا الاختصاص الإيطالي المعتزل فرنشيسكو توتي بـ91 ركلة بنسبة نجاح (81%) وأخيراً الصربي تاديتش الذي سجل في مسيرته 90 ركلة بنسبة نجاح بلغت 82%.
الظاهرة روجيرو سيني
عند الحديث عن حراس المرمى فإن أول ما يخطر ببال الكثيرين هو شهرة البعض في التصدي لركلات الجزاء، وخاصة أن البعض نجح بفضل مهارته هذه في إهداء ناديه أو منتخب بلاده العديد من الألقاب، لكنّ البرازيلي روجيرو سيني يشكل ظاهرة فريدة من نوعها؛ إذ إنه يلقّب بالحارس الهداف بفضل امتلاكه مهارة التسديد من الركلات الثابتة وكذلك كان متخصصاً في تنفيذ ركلات الجزاء.
وتشير الأرقام إلى أنّ سيني البالغ من العمر 52 عاماً الذي يعمل حالياً مدرباً لفريق باهيا، قد سجل خلال مسيرته كلاعب 132 هدفاً من بينها 47 هدفاً من علامة الجزاء مع فريقه ساو باولو، علماً أنه مثّل منتخب البرازيل في 17 مباراة دولية وكان عضوًا في المنتخب الذي توج بلقب كأس العالم 2002، وكذلك في كأس القارات 1997 وفي مونديال 2006.