أثار عبدالإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لجماعة الإخوان بالمغرب، جدلا في الأوساط المغربية بسبب تعليقاته المتكررة على التعديلات المقترحة من الحكومة المغربية على مدونة الأسرة التشريعية، حيث أبدى رفضه لتطبيق الفتوى المعروفة بـ"الكد والسعاية" من خلال القانون المغربي لحفظ حقوق الزوجة المالية.
واعتبر المراقبون أن اعتراض بنكيران على تعديلات مدونة الأسرة يمثل نوعا من العداء الصارخ لحقوق المرأة وللأعراف الأمازيغية المقدرة من الدولة المغربية.
ويشير المقترح الحكومي بضرورة "تدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثمين عمل الزوجة داخل المنزل واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسَبة خلال قيام العلاقة الزوجية" وفقا لوسائل إعلام مغربية محلية.
ووفقا للمقترح الحكومي من حق المرأة أن تحصل على جزء من ثروة زوجها التي جمعها أثناء العلاقة الزوجية، في الإشارة لدورها في الالتزام بعمل المنزل وإتاحة الفرصة المناسبة لتنمية ثروة الزوج.
وفي الوقت الذي تلاقي فيه مثل هذه المقترحات ترحيبا في الأوساط المغربية المختلفة، فإن حزب العدالة والتنمية يقف معترضًا على مثل هذه التطورات الاجتماعية.
وفي تصريحات له عبر فيديو على الصفحة الرسمية للحزب، طالب "بنكيران" بضرورة إلغاء هذا المقترح وإزالته، معتبرا أن "العلاقة بين الزوجين مبنية على المكارمة، وأن اللقمة حين يضعها الزوج في فم زوجته تعتبر له صدقة" متسائلا: كيف نحتسب 40 سنة من العمل المنزلي؟ مضيفا أن هذا منكر وأن "عمل المرأة المنزلي لا يملك أن يأجرها عليه إلا الله".
ويستغل الحزب الإخواني حالة اللغط الدائرة حول التعديلات المقترحة نظرا لجرأتها، أولها إدراج شرط خاص بمنع تعدد الزوجات في عقد الزواج، وتقييد الزواج بحالات مثل إصابة الزوجة بمرض يمنع المعاشرة الزوجية أو إصابتها بالعقم، وعدم إسقاط حضانة الأم المطلقة حتى لو تزوجت، وإضافة النيابة الشرعية على الأبناء وتدبير شئونهم الإدارية والتعليمية بالاشتراك بين الأب والأم، وإخراج بيت الزوجية من التركة لضمان الحفاظ على مسكن الأرملة خوفا من طردها بعد وفاة زوجها، وتعويض المرأة حال طلاقها بنصيب من ثروة زوجها لكونها انشغلت في تدبير الأعمال المنزلية وشئون الزوج وأتاحت له الفرصة لتنمية ثروته، وهي فتوى فقهية تعرف باسم "حق الكد والسعاية".
وسط هذه المقترحات التي أثارت الجدل بداية من التعديلات وصولا للغة وزير العدل المغربي الذي اقترح أيضا تغيير المصطلحات الفقهية القديمة التي وصلت للتشريعات والقوانيين لتصبح متلائمة مع لغة العصر ضاربا المثل بكلمة "المتعة".
كل هذه التغيرات الجريئة المطروحة لمدونة الأسرة المغربية أعطت مساحة كافية لاستغلال حزب العدالة والتنمية كي يستثير عاطفة المغربيين الدينية لرفض هذه التعديلات، وفي السياق ذاته قال أمين الحزب عبدالإله بنكيران في إشارة لرفضه المقترحات المقدمة من الحكومة: "إنه حين جاء الاستعمار لبلادنا مس كل شيء إلا الأحوال الشخصية والأوقاف"، في إشارة من بنكيران إلى أن تصرفات الحكومة الحالية في نظره تفوق ممارسات الاستعمار لأنها فكرت إدخال تعديلات من شأنها أن تنصف المرأة في المجتمع المغربي.
وطالب بنكيران بأن تأتي الصياغة القانونية لهذه التعديلات بصورة وجيهة وصائبة، مشددا أن حزبه سيقف في وجه كل صياغة غير مناسبة، بكل السبل القانونية والمشروعة.