لقد حبا الله السوريين بخصالٍ كثيرة وفضائل نادرة، فكان لهم دورٌ عظيم في التاريخ المسيحي وحضارة الشرق والغرب، خاصة في العصور البيزنطية.
فهذا الشعب الذي عشق العظمة والفنون، كان له دور محوري في بناء دور العبادة والكنائس التي تجسد إيمانهم العميق بالله، وأصبحوا جسراً لنقل الحضارة بين اليونان والغرب.
وكان للرهبان السوريين ولرجال الكنيسة دور كبير في نشر الثقافة والعلم، وأصبحوا منارات علمية وملهمين في المجالات الدينية والفكرية.
ومن أبرز ما قدمته سوريا للعالم، مجموعة من الباباوات السوريين الذين جلسوا على السدة البابوية في الفاتيكان، وكان لهم تأثير كبير على الكنيسة الكاثوليكية وتاريخها. نستعرض هنا بعضاً من هؤلاء الباباوات السوريين الذين تركوا بصماتهم في التاريخ.
1. البابا القديس بطرس (33-67 ميلادية):
يُعتبر من أبرز الشخصيات المسيحية وأول بابا للكنيسة الكاثوليكية، وهو من بيت صيدا في الجولان (سوريا). تولى الباباوية لمدة 37 عامًا، ويُحتفل بعيد اسمه في 29 حزيران. كان قد تجسد في شخصية صخرة الإيمان، وتعرض للصلب في روما حيث استشهد، ويُعتبر قديسًا في الكنائس المسيحية الشرقية.
2. البابا القديس إيفاريستوس (97-105 ميلادية):
وُلد في أنطاكية (سوريا)، وكان أول من أسس مجلساً في روما لمساندته، وهو ما يُعرف اليوم بمجمع الكرادلة. استشهد في روما ودُفن قرب قبر القديس بطرس.
3. البابا القديس أنكيتوس الأول (155-166 ميلادية):
وُلد في حمص (سوريا)، وكان له دور كبير في تنظيم شؤون الكنيسة. تُعزى إليه رتبة قص الشعر الكهنوتي، وكان أول من فرض على الكهنة لبس الثوب الأسود. استشهد ودُفن في الفاتيكان.
4. البابا القديس ثيودورس الأول (642-649 ميلادية):
وُلد في أورشليم القدس، وكان مشهودًا له بحبه للفقراء. في عهده، تم إدخال عيد انتقال السيدة العذراء إلى السماء، وُجدت قوانين هامة أقرها المجمع اللتراني، وتوفي ودفن في كاتدرائية القديس بطرس في روما.
5. البابا القديس يوحنا الخامس (685-686 ميلادية):
وُلد في أنطاكية، وكان له دور كبير في المجمع المسكوني السادس. اشتهر بحكمته في تنظيم شؤون الكنيسة في إيطاليا، وتوفي بعد سنة واحدة من توليه المنصب.
6. البابا القديس سرجيوس الأول (687-701 ميلادية):
وُلد في أنطاكية، وكان له دور بارز في تعديل بعض الطقوس الكنسية، كما يُنسب إليه إدخال عدة صلوات وتطوير الطقوس الكنسية. تولى البابوية لمدة 14 عامًا وكان له تأثير قوي على الكنيسة في روما.
7. البابا القديس سيسينيوس (708 ميلادية):
وُلد في سوريا، وعُرف بسرعة وفاته بعد توليه البابوية بفترة قصيرة امتدت 21 يومًا فقط. كان مهتمًا بتقوية أسوار مدينة روما وتحصينها ضد هجمات الأعداء.
8. البابا القديس قسطنطين الأول (708-715 ميلادية):
وُلد في سوريا، وارتبط اسمه بتحسين الأنظمة الكنسية التي أقرها مجمع القسطنطينية. كان آخر بابا يزور الشرق قبل البابا بولس السادس في عام 1964.
9. البابا غريغوريوس الثالث (731-741 ميلادية):
وُلد في فينيقية السورية، وكان له دور كبير في الحفاظ على تكريم الأيقونات المسيحية. قاد مجمعًا ضد محاربي الأيقونات وأحدث تغييرات كبيرة في الكنيسة.
وعبر تاريخ طويل، تميز الباباوات السوريون بمساهماتهم الكبيرة في تطوير الكنيسة الكاثوليكية، وتركوا بصماتهم في مجالات الدين، الثقافة، والفنون.