كشف أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن “الإحصاء الوطني للقطاع الفلاحي بيّن أن عدد الرؤوس التي كانت جاهزة للذبح خلال عيد الأضحى المقبل كانت هي 3 ملايين فقط”، مسجلا أن “هذه النسبة لا تستطيع تغطية الطلب الوطني خلال العيد، الذي يحتاج نحو 6 ملايين رأس بمختلف ربوع المملكة”.
وأورد البواري، ضمن الحوار التالي مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإحصاء وفّر صورة واقعية عن وضعية القطيع؛ لأنه كان شاملا لجميع الكسابة على الصعيد الوطني بكل المناطق بتنسيق مع السلطات المحلية”، مبرزا أنه “يتضمن هوامش للخطأ تظل قليلة جدا في هذه الحالة”، وقال: “يوجد، بالفعل، فلاحون لم يقدموا عدد أغنامهم الحقيقي مخافة فقدان الدعم الاجتماعي المباشر. أخذنا كل هذا مسبقا بعين الاعتبار”.
واعترف المسؤول الحكومي بأن “تجربة دعم استيراد الأغنام بـ500 درهم عن كل رأس، التي تم العمل بها خلال سنتي 2023 و2024، لم تؤتِ أكلها ولا النتائج المرجوة منها”، مشددا على أن “هذه الأغنام المستوردة لم تفلح في أن تتموقع في السوق لأن ثمنها كان مرتفعا أيضا”.
نص الحوار:
يشهد هذا الأسبوع تساقطات مطرية مهمة. أشرتَ سابقا إلى أننا سجلنا، خلال هذا الموسم 2024-2025، عجزا بنسبة 53 في المائة في المتوسط بالنسبة للتساقطات بالمقارنة مع ما كنا عليه قبل 3 عقود. ما هي الآثار المتوقعة لهذه الأمطار خلال ما تبقى من الموسم؟
التساقطات الأخيرة التي تعرفها بلادنا مهمة وإيجابية للغاية، لأن معدلها بلغ حوالي 223 ميلمترا، بزيادة قدرها 35 في المائة بالمقارنة مع العام الفائت؛ لكنها مع ذلك تظل غير كافية لتغطي النقص الكبير المتحقق على مستوى حقينة السدود. ما يجب التأكيد عليه هو أن الأمطار المسجلة منذ أواخر شهر فبراير كان مفعولها جيدا بالنسبة للموسم الفلاحي الحالي.
بالنسبة للأشجار المثمرة، مثل الزيتون والحمضيات والنخيل، فهي ستستفيد كثيرا من التساقطات الحالية، حتى منتوجها يتحسن ويتقوى. هذا الأمر ينطبق أيضا على زراعة الخضر؛ لأن الأمطار الأخيرة ستدفع المزارعين إلى التقليل من الري، ومن ثم توفير كميات من الموارد المائية والتخفيف من كلفة الطاقة.
وبخصوص الزراعات الربيعية التي توجد حاليا في فترة نمو مهمة، فمياه الغيث ستساعدها على ضمان إنتاجية أفضل. حتى نوار الشمس أو “عباد الشمس”، الذي يُزرع في الربيع، سيحظى بإنتاجية ونمو جيدين؛ والأهم أيضا هو أثر الأمطار على المراعي. هذه الأخيرة صار غطاؤها النباتي يتحسن؛ وهذا معطى أساسي بالنسبة للكسابة لأن القطيع الوطني سيعثر على نقطة قوة جديدة، خصوصا أننا نقتربُ من فترة الولادات. لكل هذا، نعتبر أن هذه التساقطات، رغم عدم تغطيتها للنقص الحاصل في السدود، ضرورية في الوقت الحالي لتمنح دفعة قوية للزمن المتبقي من الموسم الفلاحي.
تعافي الفلاحة بالتساقطات يعني تعافي التشغيل في العالم القروي. وضمن الخطة الحكومية لإنعاش التشغيل، ثمة مبادرة تستهدف تقليص فقدان مناصب العمل في القطاع؛ ما هي الخطة المسطرة والكفيلة بخلق فرص شغل تضاهي التي تم فقدانها؟
يبقى العنصر البشري هو القلب النابض للفلاحة، وبفضله هذا القطاع صامد وقوي رغم الظروف الصعبة التي يعيشها تحت وقع ندرة الموارد المائية. وكما نعلم، فالقطاع الفلاحي هو أول مشغل في العالم القروي بنسبة مساهمة تناهز 70 في المائة و30 في المائة على الصعيد الوطني. هذه النسب تقلصت فعلا خلال السنوات الأخيرة، بفعل أن أغلب مناصب الشغل المفقودة هي من الشغل غير المؤدى عنه أي اليد العاملة الأسرية، بالإضافة إلى الجفاف الذي أثر على تربية المواشي وإنتاج الحبوب، وقلل من فرص العمل في هذه المجالات.
أضف إلى ذلك تزايد نسبة التمدرس في العالم القروي، خصوصا لدى الفتيات؛ وهذا أمر إيجابي، بطبيعة الحال، لأن بلادنا قطعت أشواطا مهمة في الجانب المتعلق بالتمدرس وخصوصا للأطفال. ولكن مع ذلك، الفلاحة المغربية تتميز بتنوع كبير في سلاسل الإنتاج الخاصة بها؛ كالحبوب والفواكه والخضر والماشية…
هذا التنوع يساند القطاع كي يظل صامدا وقادرا على خلق فرص الشغل رغم الأزمة التي يمر منها. نحن نعتبر أن توفر الماء بكميات معقولة وتدعيم ذلك برؤية لتدبير الموارد يمكنهما أن يخلقا فرص عمل تضاهي تلك التي تم فقدانها أو تتجاوزها. ونحن نشتغل على مواكبة الشباب في إطار خارطة الطريق الوطنية المتعلقة بالتشغيل التي أطلقها رئيس الحكومة. المبلغ الذي سطرناه لهذا الغرض هو 1 مليار درهم. نتطلع إلى تشجيع التشغيل في القطاع الفلاحي، على أن تحظى مشاريع تربية الماشية بالأولوية ضمن هذه المشاريع.
دعني أؤكد لك شيئا؛ القطاع الفلاحي، رغم كل المتاعب والصعوبات التي تعترضه ويواجهها، ما زال هو القطاع الأول بالنسبة للتشغيل في العالم القروي. هناك وعي بالإكراهات، والحكومة تواصل الجهود كي نحافظ على عمل قار ومستدام في مجال الزراعة وما يرتبط بها. تحسين ظروف عيش الناس والفلاحين في البادية غاية. وكل الإجراءات هدفها مؤازرة الفلاح المغربي حتى يبقى منتصبا بقوة أمام ظروف مناخية قاهرة.
نود أن نناقش مستجدا آخر، وهو إلغاء شعيرة الذبح خلال عيد الأضحى. بعد القرار الملكي ظهرتْ “شهاداتٌ” لـ”كسابة” بخصوص “وجود عملية تخزين سري للأضاحي”، وهذا الأمر يختبر مصداقية إحصاء القطيع. ما تعليقك؟
عندما عينتُ وزيرا للفلاحة في أكتوبر الماضي، وجدت أنه من الضروري أن نجري إحصاء شاملا للقطيع الوطني، لأن الوضعية كانت ضبابية والاستيراد لم يكن كافيا في ظل استمرار ارتفاع الأسعار. الإحصاء وفر فعلا صورة واقعية عن وضعية القطيع، وقد كان شاملا لجميع الكسابة على الصعيد الوطني بكل المناطق بتنسيق مع السلطات المحلية. طبعا، في أي إحصاء هناك هوامش للخطأ تظل قليلة جدا في هذه الحالة، واختصاصيو الإحصاء يعلمون ذلك جيدا. حتى لو كانت هناك معطيات، مثلا، غير صحيحة مقدمة، لدينا طرق أخرى للتحقق منها كالتلقيح. وجدنا أن نسبة الماشية التي خضعت للتلقيح هي الأرقام نفسها المتحصلة من عملية الإحصاء مع تفاوتات جد صغيرة.
اعتمدنا كذلك على جمعيات مهنية محلية لنعرف عدد الرؤوس المتوفرة لدى كل مزارع. قطاع تربية المواشي عموما يعيش وضعية صعبة بسبب جفاف استمر لسبع سنوات متتالية وتدهور المراعي؛ مما أدى إلى تراجع عدد الرؤوس.
من خلاصات المهمة الإحصائية الأخيرة أن المخزون الوطني من الماشية تراجع بنسبة 38 في المائة مقارنة مع سنة 2016؛ بالإضافة إلى انخفاض عدد الإناث التي تلد من 11 مليون رأس سنة 2016 إلى 8.7 ملايين رأس سنة 2024. وهذا في وقت يستهلك فيه المغاربة حوالي 9 إلى 10 ملايين رأس من الأغنام والماعز سنويا. وهذه الكمية لا يستطيع قطيع يعاني من سنوات جفاف حاد أن يتحملها.
في الوضعية العادية، تُذبح في المجازر المراقبة من لدن مصالح السلامة الصحية التابعة لوزارة الفلاحة حوالي 3.5 ملايين رأس من الأغنام والماعز كل سنة. كما يُنحر في المناسبات، خصوصا حفلات العقيقة والحج والأعراس إلخ، حوالي مليون رأس خارج المجازر. بالإضافة إلى عيد الأضحى الذي تذبح فيه بين 5.5 ملايين و6 ملايين رأس من الأغنام والماعز على الأقل.
في الوقت الحالي، لا تستقبل المجازر أكثر من مليون ونصف المليون من الأغنام والماعز من الأصناف المحلية بدل 3.5 ملايين رأس في السنوات العادية؛ ناهيك عن أن تحليل المعطيات التي جمعناها من هذا الإحصاء ومن معطيات حملات تلقيح القطيع تبين أن عدد الرؤوس المؤهلة كي تُنحر خلال عيد الأضحى المقبل لا يتعدى 3 ملايين.
القرار الملكي من جهة أخرى، حسب متتبعين، “يسائل الأرقام السنوية التي كانت تروج قبل العيد” و”شبهات نفخها”. في نظرك، لماذا لدينا في المغرب هذا الوضع “الضبابي” الذي يسمح بتبادل الاتهامات بين المهنيين أنفسهم بشأن الغلاء؟ ومن يستفيد من هذا التضارب؟
أود التركيز على ما اشتغلنا ونشتغل عليه الآن؛ كالإحصاء الوطني للماشية الذي باشرناه. كنا نتابع النتائج بشكل يومي. في كل يوم، كنا نتوصل بالبيانات بشكل رقمي إلكتروني يتيح الرصد والتتبع. واكبنا العمل لكي تكون الإجراءات الإحصائية سليمة تماما وضامنة لأقصى درجات الانضباط.
أما الأسعار، فإهابة أمير المؤمنين بالمغاربة بعدم الذبح تسمح تلقائيا باستعادة القطيع لعافيته. الأكباش التي كانت موجهة للذبح في عيد الأضحى سيتم توزيعها داخل الأسواق. هذا سينعكس بالضرورة على أثمان البيع بالتقسيط بالتدرج؛ وسيصل سعر الكيلوغرام، في النهاية، إلى مرحلة مستقرة يقتني فيها المواطن اللحوم بمبالغ معقولة.
ثم لأجيبك عن معطى من لديه مصلحة، فلا أحد له مصلحة في التهاب الأسعار. هي تضر كافة المتدخلين من المنتج إلى المستهلك. ودعني أكون واضحا معك، لا نستطيع كوزارة التدخل لفرض منطق معين لمجابهة المضاربة أو الحد منها. حرية السوق هي الأصل والسلع الفلاحية تخضع لمعايير العرض والطلب. دور الوزارة هو توفير المواد الفلاحية بكميات كافية لتموين السوق. والوسطاء لهم دور في جميع الأنشطة الاقتصادية؛ ولكن هناك بعض الانتهازيين يستغلون الأزمات لجعلها مصدرا للربح المبالغ فيه.
لكن، هل صحيح أن جمعية مربي الأغنام تتقاضى 5 دراهم عن كل رأس ضمن الترقيم، كما راج مؤخرا؟
أول مسألة لا بد من توضيحها هي أن الدولة لا تدفعُ إطلاقا أي مقابل بقيمة 5 دراهم لترقيم كل رأس مما راج. هذا معطى عار من الصحة. الوزارة تعقد شراكات مع الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز كي تنفذ الجمعية بعض المهام الاستراتيجية المندرجة ضمن برامج الوزارة، بحكم أن هذه المنظمة تتوفر على خبرة كبيرة في مجال تربية الأغنام ولديها علاقة مباشرة مع المربين.
وكما نعرف، فإن آخر العمليات التي اشتغلوا فيها بتنسيق معنا كانت تأمين وصول تعويضات الماشية لفائدة الكسابة المتضررين من زلزال 8 شتنبر الذي ضرب مناطق الحوز وشيشاوة وورززات؛ بالإضافة إلى اشتغالهم في إحصاء القطيع الوطني لسنة 2024. كل عملية مع هذه الجمعية تمر عبر اتفاقية واضحة تحدد المهام المراد القيام بها، وكذا الكيفية التي تضمن تتبع الوزارة ومراقبتها وفرض الرقابة على سيرها. ناهيك عن كون الجمعية لها صفة المنفعة العامة، وتخضع لتدقيق مالي ولعملية محاسباتية دورية؛ بما في ذلك الافتحاص من طرف مؤسسات الرقابة المالية.
عملية ترقيم الأغنام والماعز قبل عيد الأضحى مهمة يُشرف عليها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بشراكة مع “أنوك” والفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء. السنة الفائتة قامت الجمعية بذلك بمفردها، ولم تتلق أي مقابل عن ذلك.
الجدل بخصوص دعم استيراد الماشية بدأ سنة 2023؛ ولكن الحكومة غامرت مرة أخرى وقامت بالإجراء نفسه سنة 2024، والنتيجة هي نفسها. من يتحمل مسؤولية “فشل” تكرر مرتين في نظرك؟
يجب أن نتذكر الظرفية الاقتصادية التي اتسمت بمستويات عالية من التضخم؛ مما دفع الحكومة إلى دعم استيراد الأغنام لكبح جماح أسعار الأضاحي في 2023، بعد تعرض سلسلة الأغنام لفقدان التوازن والاضطراب الذي حدث في انتظام تكاثر القطيع. أما في 2024، فإن الهدف كان نفسه. التجربة لم تؤتِ أكلها ولا النتائج المرجوة منها. الأغنام المستوردة لم تفلح في أن تتموقع في السوق، لأن ثمنها كان مرتفعا أيضا.
في سنة 2024، استوردنا 480 ألف رأس، أي بدعم عمومي قيمته 240 مليون درهم؛ لكن مباشرة بعد تم إعلان دعم الاستيراد الأغنام الموجهة للأضاحي تمت إضافة 500 درهم أخرى في المنبع أي عند المنتجين، فلم يكن للعملية تأثير على خفض الثمن.
حاليا، سنخصص الدعم للكساب كي يواصل نشاطه الفلاحي، ويحافظ على النعاج والخرفان التي يتوفر عليها ونضمن عافية واستدامة المخزون الوطني من الأغنام والماعز.
هناك عقد برنامج سلسلة اللحوم الحمراء، الموقع في ماي 2023 بين الدولة والفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، بمساهمة من الدولة بقيمة 7.75 مليار درهم. لماذا لم يظهر أثر هذا التعاقد خلال أزمة غلاء اللحوم؟
أولا، أؤكد أنني قررتُ مراجعة هذا العقد بمجرد بداية عملي على رأس الوزارة؛ نظرا للظرفية الخاصة والتحولات التي يعرفها القطاع. كما أن الفيدرالية المذكورة تعيش وضعية استثنائية. نحن ننتظر ما سيؤول إليه تنظيم السلسلة حتى نستطيع استئناف النقاش مع المعنيين بخصوص عقد برنامج جديد.
أما بالنسبة لأثره على السوق، فأعتقد أن القطاع يعاني من الظرفية المناخية أكثر من مسألة التنظيمات المهنية.
في ظل توالي سنوات الجفاف، قررنا إعادة النظر في العقد وعقود برامج أخرى. بخصوص عقد برنامج اللحوم، فمن الطبيعي أن نسجل وجود إكراهات. الجفاف المتواتر بيّن بدوره أن بعض الأهداف المسطرة في قلب هذه العقود تحتاج إلى تدقيق متواصل. بدا لنا أنه من المحوري معاينة الوضعية الراهنة للقطيع وما أفرزه الجفاف ومستجدات إلغاء شعيرة النحر. هكذا، نبني عقد برنامج بمعايير مغايرة.
ماذا عن الوسطاء، هل للحكومة خطة للتقليل من القيمة المرتفعة للمضاربة؟
نعم. الحكومة واعية تماما بهذا الإشكال، كعضو في الحكومة أدافع عن ضرورة العمل للحد من الفرق الكبير بين المنتج والمستهلك. الجهاز الحكومي يواكب النقاش، ويبحث في الوقت الحالي عن مسالك للتوزيع تقلل من تدخل الوسطاء وضمان تنظيم الأسواق لتتبع نشاط المضاربين ومعرفة هوامش الربح الخاصة بهم.
بالمقابل، هناك اتهامات لفرق سياسية وغيرها تقول إن مخطط المغرب الأخضر هو السبب في ما نعيشه اليوم من غلاء نتيجة الرفع من صادرات المنتجات الفلاحية “بحثا عن العملة الصعبة على حساب الاحتياطي الوطني”. ما رأيك؟
مخطط المغرب الأخضر ظل، منذ بدايته سنة 2008، مواكبا للقطاع بشكل منظم وواضح من أجل تقوية الإنتاج الفلاحي وتطوير جميع السلاسل، سواء النباتية أو الحيوانية. ويكفي أن أخبرك أن الناتج الداخلي الخام الفلاحي السنوي انتقل من 74 مليار درهم في الفترة بين 2005 و2007 إلى 118 مليار درهم في الفترة بين 2018 و2020. كما أن دخل الفلاحين ارتفع بأكثر من 66 في المائة؛ مما ساهم في تحسين القدرة الشرائية لسكان البوادي وتمكينهم من الولوج إلى خدمات جديدة، كتعليم الأطفال على سبيل المثال.
إنتاج اللحوم الحمراء ارتفع بشكل كبير، إذ انتقل من 365 ألف طن سنة 2008 إلى 612 ألف طن سنة 2020؛ ما يعني ارتفاعه بنسبة 70 في المائة تقريبا. وبالنسبة للقطيع الوطني، يجب أن نعرف أن المخطط ساهم بشكل كبير كي تتحسن السلالات المحلية، وشجع الفلاحين على اعتماد الطرق الحديثة في التربية وتحسين صحة الماشية؛ هذا أثمرَ نتائج ممتازة في البداية. خلال فترة المشروع بين 2008 و2018، ارتفع عدد الإناث بمليونين، وارتفع الحد الأدنى للأجر الفلاحي بما يزيد عن 45 في المائة من سنة 2008 إلى 77 في المائة عام 2020، وهو الذي شهد زيادة أخرى سنة 2024 بقيمة 5 في المائة.
أضف إلى ذلك، أن تحسين أداء سلاسل الإنتاج وتوسيع المساحات المزروعة مكن من إحداث فرص شغل إضافية حيث ارتفع عدد أيام العمل بـ35 مليون يوم عمل؛ ناهيك عن ضمان مستوى جيد من الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات الغذائية بحيث بلغ معدل نسب تغطية الحاجيات الغذائية في نهاية المخطط 100 بفي لمائة بالنسبة للفواكه والخضروات و99 أي لمائة بالنسبة للمنتجات الحيوانية كالحليب واللحوم، ثم 53 في المائة بالنسبة للحبوب، و46 في المائة بالنسبة للسكر.
مخطط المغرب الأخضر جلب بالفعل العملة الصعبة، ومنح دفعة كبيرة للقطاع الفلاحي ورفع الإنتاج الحيواني بشكل واضح؛ ولكن الجفاف المتكرر هو الذي خلق الوضعية الحالية التي يعرفها القطيع الوطني.
نختم الحوار بالجدل الذي يرافق مشروع الربط المائي بين سدي وادي المخازن وسد خروفة بالعرائش… هل من تنازع في الموضوع أو تسابق مع وزارة نزار بركة؟
لا يوجد أي نزاع أو خلاف مع الوزير نزار بركة حول هذا المشروع. بالعكس، مشروع الربط المائي بين هذين السدين يدخل ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027؛ وهذا البرنامج ينص صراحة على تنسيق واضح بين الوزارات والإدارات المعنية. هذا مشروع كبير لا يقل أهمية عن الربط بين واد سبو وحوض أبي رقراق الذي أشرفت عليه حين كنتُ مديرا للري بالوزارة. هذا الموضوع خضع للمنطق نفسه، حيث تم توقيع اتفاقية واضحة بين جميع الأطراف، وكل طرف لديه اختصاصات محددة بشكل واضح.
وزارة التجهيز والماء تظل هي صاحبة المشروع ومالكة المنشآت؛ لكن المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للوكوس التابع لوزارة الفلاحة هو صاحب المشروع المفوض، الذي يشرف على الإنجاز والأشغال في عين المكان. أما المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب فهو من يتكلف باستغلال المشروع بعد الانتهاء منه، وتقوم وزارة التجهيز والماء بتسليمه. أشغال الربط بين السدين انتهت ومحطة الضخ جاهزة كي يبدأ المشروع الخدمة قريبا. وبخصوص ما تم تداوُله بشأن الزيارة لإعطاء الانطلاقة للمشروع، فنحن فقط ننتظر أن نتفق حول تاريخ محدد لنذهب معا، أنا والوزير بركة، للقيام بالمتعين.