كشفت مصادر مطلعة لوكالة "رويترز"، الخميس، أن روسيا قدمت للولايات المتحدة قائمة شروط للموافقة على اتفاق ينهي حربها على أوكرانيا، ويعيد ضبط العلاقات بين موسكو وواشنطن.
وبحسب المصدرين، فإن مسؤولين روسًا وأميركيين ناقشوا هذه الشروط خلال محادثات مباشرة وافتراضية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، دون أن تتضح بعد تفاصيل المطالب الروسية بالكامل أو مدى استعداد موسكو للدخول في مفاوضات مباشرة مع كييف قبل تنفيذ هذه الشروط.
المطالب الروسية… إعادة فرض الشروط السابقة
تعكس قائمة الشروط الروسية المطروحة موقف موسكو الثابت منذ بداية الحرب، حيث سبق أن قدمت مطالب مشابهة لكل من أوكرانيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو". وتشمل الشروط الرئيسية التي وضعتها موسكو:
أولًا، تطالب روسيا بضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وهو مطلب جوهري تعتبره موسكو مسألة "حياة أو موت" في إطار أمنها القومي، حيث ترى أن توسع الحلف شرقًا يمثل تهديدًا مباشرًا لها.
ثانيًا، تسعى موسكو إلى إبرام اتفاق يمنع نشر أي قوات أجنبية أو قواعد عسكرية على الأراضي الأوكرانية، ما يعني تقويض أي وجود عسكري غربي يمكن أن يشكل تهديدًا لها في المستقبل.
ثالثًا، تشترط روسيا الاعتراف الدولي بضمها لشبه جزيرة القرم وأربع مقاطعات أوكرانية أخرى، وهي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، والتي أعلنت موسكو سيادتها عليها في 2022، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وأخيرًا، تريد روسيا تعهدًا أميركيًا وأوروبيًا بعدم توسيع الناتو شرقًا، وهي نقطة حساسة طرحتها موسكو على مدى العقدين الماضيين، معتبرة أن تمدد الحلف قرب حدودها هو السبب الجذري للصراع.
هدنة محتملة لمدة 30 يومًا… وترامب ينتظر رد بوتين
وسط هذه المفاوضات السرية، ينتظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن مقترح هدنة لمدة 30 يومًا، وهي خطوة أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي موافقته عليها باعتبارها مقدمة لمحادثات سلام محتملة.
لكن حتى الآن، لم يُحسم موقف بوتين بشأن هذه الهدنة، حيث لا تزال تفاصيلها غير واضحة، بينما تتزايد المخاوف في الأوساط الغربية من أن تكون مجرد استراتيجية روسية لكسب الوقت وإعادة ترتيب الصفوف عسكريًا قبل جولة جديدة من التصعيد.
مخاوف غربية من استغلال روسيا للهدنة
في ظل الحديث عن هدنة محتملة، تسود حالة من القلق بين المسؤولين الأميركيين والأوروبيين بشأن النوايا الروسية الحقيقية، حيث يخشى بعض المراقبين أن تستغل موسكو هذه الفرصة لإحداث شقاق بين أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا، وتقويض أي جهود دبلوماسية تؤدي إلى اتفاق سلام حقيقي.
ويرى محللون أن روسيا، من خلال فرض شروطها، لا تهدف فقط إلى صياغة اتفاق نهائي مع أوكرانيا، بل تسعى أيضًا إلى خلق معادلة جديدة تفرض من خلالها قواعد جديدة على الولايات المتحدة وحلف الناتو، بما قد يحد من نفوذ الغرب العسكري في أوروبا الشرقية لعقود قادمة.
هل تمهد الشروط الروسية لاتفاق شامل أم أنها مجرد مناورة؟
مع استمرار هذه المحادثات، يبقى السؤال الرئيسي: هل يمكن أن تؤدي هذه المفاوضات إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب، أم أنها مجرد خطوة تكتيكية من موسكو؟
التاريخ يشير إلى أن روسيا قدمت مطالب مماثلة في السنوات الأخيرة، لكنها قوبلت برفض غربي قاطع، ما يثير الشكوك حول مدى إمكانية تحقيق أي انفراجة هذه المرة.
لكن في ظل المتغيرات السياسية والعسكرية الأخيرة، وخاصة مع تغير الإدارة في البيت الأبيض وتجدد الضغوط الدولية لإنهاء الصراع، قد يكون هناك فرصة حقيقية لإطلاق عملية دبلوماسية جديدة، وإن كانت العقبات لا تزال كبيرة.