"لا تعني مواجهة صناعة الهيدروجين تحديات أنها على شفا الانهيار"، هذا ما حاولت الرئيسة التنفيذية لمجلس الهيدروجين في أستراليا، فيونا سيمون، تأكيده، في ظل موجة تأجيل وإلغاء شهدتها بعض المشروعات.
وفي الوقت ذاته، فتحت سيمون النار على التناول الإعلامي لتعثر بعض المشروعات، الذي بعث برسالة توحي بتدهور الصناعة وتراجعها.
وكان تراجع استثمارات الهيدروجين في أستراليا جزءًا محوريًا من هذه الرؤية، خاصة أنها كانت من بين الدول الرائدة في عدد المشروعات وحجمها، قبل أن يُحجم مطوّرون عن هذا الاندفاع.
ورصدت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إرجاء عدد كبير من مشروعات الهيدروجين وإلغاءها على مدار العام الماضي 2024، من بينها عدد من كبريات شركات الطاقة العالمية التي كانت قد وجّهت جزءًا من استثماراتها لمشروعات الطاقة النظيفة.
واقع صناعة الهيدروجين
ترى فيونا سيمون أن واقع صناعة الهيدروجين في الآونة الحالية لا يعني أنها انهارت وخرجت من بين مصادر الطاقة النظيفة.
وأضافت أن تأثير إلغاء بعض المشروعات "محدود"، وليست له تداعيات واسعة النطاق، رغم حقيقة صعوبة التحديات المحيطة.
وانتقدت سيمون ما روّجت له بعض وسائل الإعلام من تهاوي الصناعة قبل أن تخرج إلى النور، مشددة على أن الفهم الواضح والعميق لطبيعة الصناعة يؤكد أن تقدمها وتطورها لن يكون ملموسًا قبل مرور سنوات عدة.
وأضافت أن استغراق بعض المشروعات مددًا زمنية طويلة في مراحل التصميم والأعمال الهندسية أمر متوقَع، في ظل تطوير لصناعة ومشروعات ربما تكون الأولى من نوعها.
وأضافت أن الهيدروجين هو "صناعة طويلة الأمد" تحتاج إلى التأسيس والبناء لسنوات، مشيرة إلى أن صعوبة وتحديات التطوير المستقبلي لا تعني عدم جدواه، وفق تحليل لها نشره موقع "هيدروجين إنسايتس".

تحديات تطور الهيدروجين
تشمل تحديات تطوّر الهيدروجين بعض العراقيل ذات الصلة بالصناعة، وهناك أسباب أخرى لتأجيل المشروعات وإلغائها، ونناقش بعض هذه التحديات فيما يلي:
1) منافسة الوقود الأحفوري صناعيًا:
تصعب منافسة الهيدروجين للوقود الأحفوري في التطبيقات الصناعية حاليًا، لأسباب تتعلّق بتكلفة إنتاج الهيدروجين النظيف (الأزرق) والأخضر.
وربما يُعد هذا أحد العوائد المنتظرة من الصناعة مستقبلًا، إذ يهدف نشر استعمال الهيدروجين في الصناعات إلى إزالة الكربون من اقتصاد البلدان وتوسعة دوره في إنتاج الكهرباء والصلب الأخضر وغيرهما.
ولم يحظ الهيدروجين حتى الآن بإنشاء سوق لتداوله وبيعه بالقدر الملائم للأهداف الصناعية بعد، ما يبرز الدور المنوط بالحكومات لدعم الصناعة وجذب الاستثمارات.
وقالت فيونا سيمون إن الدعم المالي من الحكومات لمشروعات الهيدروجين غير كافٍ دون مواصلة ذلك بصورة مستمرة، حتى تصل المشروعات بعد سنوات لمرحلة سد العجز التجاري.
2) تكلفة سلسلة القيمة:
تسبّبت التكلفة المرتفعة لمراحل سلسلة القيمة للهيدروجين في زيادة الفجوة التجارية، ويشمل ذلك: تكلفة الإنتاج والمعدات، وتكلفة الكهرباء اللازمة لإنتاج الوقود الأخضر، وتكلفة مواد البناء، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الغاز الطبيعي.
3) تباطؤ وتيرة انتقال الطاقة:
لم تكن وتيرة التزام الحكومات والشركات بالأهداف والتعهدات المناخية مناسبة لتسارع أهداف انتقال الطاقة.

الهيدروجين في أستراليا
رغم أن فيونا سيمون حاولت إلقاء نظرة عامة على واقع صناعة الهيدروجين العالمية، فإنها سلّطت الضوء على أستراليا في ظل إلغاء وعرقلة عدد كبير من المشروعات.
وأوضحت أن الإعلام المحلي ركز على تراجع المشروعات الكبرى وإغلاق بعضها خلال الأشهر الـ8 الأخيرة، مع بث رسائل سلبية حول مستقبل الهيدروجين.
وقالت إن المطورين يركّزون على الإنجازات السريعة التي يمكن إدراجها في التقارير المالية للشركات، وهو الأمر الذي ينطبق على صنّاع القرار والترويج الانتخابي.
ولا ينطبق ذلك على الاستثمار في الهيدروجين، الذي يحتاج إلى صبر وضخ أموال دون انتظار عائد في المستقبل القريب.
ولفتت سيمون إلى أن تغير حكومات الولايات تسبّب في إلغاء تمويل بعض المشروعات، إذ أقدمت حكومة كوينزلاند على سحب التزامها تجاه أكبر مشروعات الهيدروجين في الولاية، وأعادت حكومة ولاية جنوب أستراليا تخصيص ميزانية مصنع صلب كان مرتبطًا بمشروع هيدروجين.
ولم يمنع تباطؤ مشروعات الهيدروجين الأسترالية شركات التقنيات من التوسع في السوق العالمية، وما زالت الحكومة الفيدرالية تدعم الصناعة ببرامج وحوافز.
وتمسّكت بأن أستراليا ما زالت جاذبة لاستثمارات الهيدروجين، نظرًا إلى ما تتمتع به من موارد متجددة هائلة، تُسهم في إنتاج الكهرباء النظيفة.
وأشارت إلى أن الهيدروجين ما زال يشكّل عنصرًا رئيسًا في رحلة انتقال الطاقة، رغم التحديات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: