مع الإعلان عن التوصل إلى هدنة بين فلسطين وإسرائيل لوقف إطلاق النار، تتجه الأنظار إلى الآثار الاقتصادية المحتملة لهذه الخطوة على المنطقة، ولا سيما على مصر، التي تلعب دورًا محوريًا في استقرار الشرق الأوسط.
هذه الهدنة، التي جاءت بعد صراع دام استمر لأكثر من عام، تمثل فرصة ذهبية لمصر لتعزيز موقعها الجيوسياسي والاقتصادي، خاصة في ظل تأثير الصراع السابق على حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وإيرادات قناة السويس، والنشاط التجاري بشكل عام.
واستقرار الأوضاع في المنطقة يفتح الباب أمام فرص واسعة لتحسين المؤشرات الاقتصادية في مصر، بدءًا من انتعاش حركة الملاحة في قناة السويس، وصولًا إلى تعزيز دورها كشريك أساسي في إعادة إعمار قطاع غزة، وزيادة جاذبيتها كوجهة سياحية واستثمارية.
خبراء يكشفون عن مستقبل الاقتصاد المصري بعد إنهاء الصراع
وحول مستقبل الاقتصاد المصري بعد إنهاء الصراع في غزة، أكد الخبير الاقتصادي محمد البهواشي أن التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال الإسرائيلي يُعد تحولًا محوريًا في تعزيز الاستقرار الإقليمي، مع تأثيرات اقتصادية مباشرة على مصر.
وقال البهواشي، في تصريحات خاصة لـ بانكير، إن استمرار الصراع في قطاع غزة خلال الفترة الماضية أدى إلى خسائر كبيرة في حركة التجارة عبر البحر الأحمر، ما أسفر عن تراجع عائدات قناة السويس بنحو 7 مليارات جنيه في العام الماضي.
هدنة غزة وتأثيرها على قناة السويس
وأشار إلى أن استمرار الصراع في غزة انعكس سلبًا على الأمان الملاحي في البحر الأحمر، ما دفع العديد من الشركات العالمية إلى استخدام المسارات البديلة مثل رأس الرجاء الصالح، وهو ما زاد من تكاليف النقل وأطال مدة الشحن، مما أثر بشكل مباشر على عائدات قناة السويس.
وأوضح أن الهدنة ستعيد الأمان الملاحي إلى البحر الأحمر، ما سيسهم في استعادة خطوط التجارة نشاطها الطبيعي عبر القناة، مع توقعات بارتفاع معدلات مرور السفن الناقلة للبضائع.
وأضاف: "عودة الاستقرار ستُمكن من استعادة العائدات إلى مستويات ما قبل الأزمة، بل وتحقيق زيادات ملحوظة بفضل التطوير المستمر للمجرى الملاحي والبنية التحتية لقناة السويس".
انعكاسات اقتصادية واسعة النطاق
وأوضح البهواشي أن الهدنة ستخلق حالة من الاستقرار الإقليمي ستُسهم في تحسين بيئة الاستثمار بمصر، متوقعًا تدفق استثمارات جديدة في قطاعات متعددة، أبرزها النقل واللوجستيات مشيرا إلى أن غياب الأمن الملاحي خلال الصراع أدى إلى زيادة تكاليف التجارة الدولية، ما انعكس على ارتفاع معدلات التضخم عالميًا، ولكن بعودة الاستقرار، ستنخفض تكاليف النقل البحري تدريجيًا، مما يُخفف من ضغوط التضخم.
معبر رفح وإعادة إعمار غزة
وسلط البهواشي الضوء على دور مصر المحوري في إعادة إعمار قطاع غزة، مشيرًا إلى أن سيطرة مصر الكاملة على معبر رفح ستمكنها من دعم الشعب الفلسطيني بزيادة التبادل التجاري وتوفير السلع والخدمات الأساسية عبر المعبر.
وتابع الخبير الاقتصادي: "هذا الدور الاستراتيجي يعزز مكانة مصر كعنصر أساسي في إعادة بناء القطاع، ويؤكد دورها القيادي في المنطقة".
وأشار البهواشي إلى أن التهدئة ستُسهم في إعادة النشاط السياحي في مصر، خاصة مع عودة الهدوء إلى المنطقة وتحسن الأمن الإقليمي، وتوقع أن تشهد السياحة المصرية طفرة ملحوظة بفضل الثقة الدولية في استقرار المنطقة.
تحويل المحنة إلى منحة
واختتم البهواشي تصريحاته قائلاً: "الهدنة بين فلسطين ودولة الاحتلال الإسرائيلي تُعد فرصة ذهبية لمصر لتحويل المحنة التي سببتها الأزمات الإقليمية إلى منحة اقتصادية، حيث أن استقرار الأوضاع سيُعيد الحياة إلى حركة التجارة والملاحة عبر قناة السويس، مع زيادة العائدات المتوقعة بعد تطوير القناة والموانئ، فضلاً عن تعزيز دور مصر القيادي في تحقيق الأمن الإقليمي".
وأكد أن الخطوات المصرية نحو تحسين البنية التحتية وإدارة الأزمات ستجعل البلاد الوجهة الأولى للاستثمارات الدولية في المرحلة المقبلة.
هدنة غزة حجر الأساس لاستقرار اقتصادي عالمي
وفي السياق ذاته، أكد الخبير الاقتصادي أحمد خطاب أن التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار في غزة يمثل تحولًا جوهريًا نحو تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مشيدًا بالدور الريادي الذي لعبته مصر في التوصل إلى هذا الاتفاق، والذي يعكس مكانتها كقوة إقليمية تسعى لتحقيق السلام والتنمية.
وأشار خطاب، في تصريحات خاصة لـ بانكير ، إلى أن هذه الخطوة ستنعكس إيجابيًا على الاقتصاد المصري والإقليمي، مما يعزز من فرص تحقيق مكاسب استراتيجية خلال الفترة المقبلة.
وقف الحرب.. استعادة نشاط قناة السويس
وأوضح خطاب أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي استمر لأكثر من عام كان له تأثيرات سلبية مباشرة على حركة الملاحة في قناة السويس، حيث تسببت حالة عدم الاستقرار في البحر الأحمر في تباطؤ حركة نقل البضائع، ما أدى إلى تراجع إيرادات القناة.
وأضاف: "مع تحقيق الهدنة، من المتوقع أن تستعيد قناة السويس دورها المحوري كأهم شريان ملاحي عالمي، كما أن استقرار المنطقة سيعيد الأمان للمسارات البحرية، مما يشجع على زيادة مرور ناقلات البضائع، خاصة في ظل وعود الإدارة الأمريكية الجديدة بإنهاء الصراعات الدولية ودعم التوسع التجاري العالمي، و هذا الزخم المتوقع سيؤدي إلى ارتفاع العائدات وربما تحقيق أرقام غير مسبوقة في إيرادات القناة".
مصر شريك استراتيجي في إعادة إعمار غزة
وأكد خطاب إلى أن مصر ستلعب دورًا رئيسيًا في إعادة إعمار قطاع غزة، مستفيدة من موقعها الجغرافي واتفاقياتها التجارية مع الدول المانحة.
وتابع: "إعادة الإعمار ستكون فرصة ذهبية للصناعات المصرية، خاصة في قطاعات مواد البناء مثل الحديد والأسمنت، إلى جانب المواد الغذائية والمنتجات الأساسية، حيث أن معبر رفح سيمثل شريانًا حيويًا لتوريد هذه السلع والخدمات، ما سيعزز من النشاط الاقتصادي في مصر ويخلق فرص عمل جديدة".
و أضاف أن نجاح مصر في إدارة هذا الملف سيجعلها شريكًا أساسيًا في المشروعات التنموية بغزة، مؤكدًا أن الدعم المتوقع من دول الخليج وأوروبا لإعادة الإعمار سيساهم في تحويل هذه الجهود إلى قاطرة لدفع الاقتصاد المصري نحو النمو.
غزة.. سوق إقليمي واعد لمصر
وأكد خطاب أن غزة ستتحول إلى سوق إقليمي واعد لمصر، مشيرًا إلى أن انخفاض تكلفة التوريد عبر معبر رفح سيمنح مصر ميزة تنافسية كبيرة.
وأوضح أن هذه التطورات ستؤدي إلى تنشيط قطاعات عديدة، مما يسهم في تحسين المؤشرات الاقتصادية وتعزيز الصادرات المصرية.
رواج للسياحة والاستثمار
تطرق خطاب إلى تأثير الهدنة على قطاع السياحة، موضحًا أن عودة الهدوء والاستقرار ستُشجع على زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، خاصة في الوجهات السياحية المتميزة مثل شرم الشيخ وطابا ودهب.
وأضاف أن المناخ المعتدل وتوافر الخدمات السياحية المتميزة سيجعل مصر وجهة مفضلة للجاليات الأجنبية الباحثة عن الأمان والاسترخاء لاسيما خلال الأشهر القليلة المقبلة.
و أشار إلى أن الاستقرار الإقليمي سيسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر قائلا: "عودة الثقة في الأسواق الناشئة مع تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية سيساعد على تدفق رؤوس الأموال، مما يعزز من فرص النمو الاقتصادي".
فرص دولية لمصر
وتحدث خطاب عن الفرص الدولية المتاحة لمصر، مشيرًا إلى أن إعادة إعمار المناطق المتضررة من حرائق كاليفورنيا ولوس أنجلوس في الولايات المتحدة قد تكون فرصة لتعزيز الصادرات المصرية قائلا: “الولايات المتحدة تعتمد على استيراد بعض مواد البناء من مصر، ومن المتوقع أن يزداد حجم الطلب خلال الفترة المقبلة لدعم عمليات الإعمار، واستغلال هذه الفرص سيؤدي إلى تحسين وضع العملة الأجنبية وزيادة الاحتياطي النقدي".
واختتم خطاب تصريحاته مؤكدًا أن وقف إطلاق النار في غزة يمثل بداية لحقبة جديدة من الاستقرار والتعاون الإقليمي قائلا: "الهدنة ليست فقط فرصة لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، لكنها أيضًا بداية لمسار اقتصادي واعد، ومع استغلال مصر للفرص الناتجة عن هذا الاستقرار، ستتحول التحديات السابقة إلى مكاسب تعزز من مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية".
هدنة غزة
وكانت حركة حماس، أعلنت أمس الأربعاء، عن موافقتها على اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفقًا لمصدرين مطلعين على سير المفاوضات التي جرت في العاصمة القطرية الدوحة.
يأتي ذلك بعد صراع دامٍ استمر لأكثر من 15 شهرًا بين إسرائيل وحماس، خلّف آلاف القتلى وخسائر فادحة.
وأكد مصدر لوكالة "فرانس برس" أن "حماس والجهاد الإسلامي أبلغتا الوسطاء بالموافقة على المسودة النهائية لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى"، بينما أشار مصدر آخر إلى أن "حماس سلّمت إسرائيل، عبر الوسطاء، ردها الإيجابي بعد الاتفاق على كافة النقاط والتفاصيل".
وتزامن هذا التطور مع تصاعد الجهود الدبلوماسية خلال الأيام القليلة الماضية، قبيل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، وشهدت الدوحة جولات مكثفة من المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين، بهدف التوصل إلى هدنة تتضمن الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة منذ الهجوم الذي شنّته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أدى إلى اندلاع الحرب.
وأوضحت المصادر، أن "حماس تسلّمت خرائط الانسحابات الإسرائيلية وفقًا للجدول الزمني المحدد، والتي تشمل المرحلة الأولى من الاتفاق"، مشيرا إلى أن الوسطاء القطريين والمصريين والأميركيين سيصدرون بيانًا مشتركًا للإعلان عن الاتفاق بعد توقيعه من الطرفين في الدوحة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.