دول إفريقية تواصل دعم "الحكم الذاتي" وسحب الاعتراف بالطرح الانفصالي

دول إفريقية تواصل دعم "الحكم الذاتي" وسحب الاعتراف بالطرح الانفصالي
دول إفريقية تواصل دعم "الحكم الذاتي" وسحب الاعتراف بالطرح الانفصالي

تحل في الثلاثين من شهر يناير الجاري الذكرى الثامنة لعودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، ليصبح العضو الخامس والخمسين، بعد 32 سنة من انسحابه منها.

هذه العضوية التي نالت ترحيب 39 دولة من أصل 54، ومعارضة وُصفت بالشديدة من قبل الجزائر، حاضنة جبهة البوليساريو الانفصالية في الصحراء المغربية، جاءت وفق المحللين في إطار استراتيجية مدروسة تهدف إلى إعادة تموقع المغرب كقوة إقليمية مؤثرة داخل القارة، مستندة إلى مشاريع تنموية كبرى ومبادرات دبلوماسية تقوم على مبدأ التعاون “رابح-رابح”.

في هذا السياق، شهدت مواقف العديد من الدول الإفريقية تطورا ملحوظا تجاه قضية الصحراء المغربية، إذ باتت تدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي كحل واقعي ونهائي للنزاع، مع تزايد سحب الاعترافات بالجبهة الانفصالية.

بوسلهام عيسات، باحث في الدراسات السياسية والدولية، قال: “منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، عرف مسار قضية الصحراء المغربية دينامية قوية بتغير مواقف مجموعة من الدول الإفريقية”، مرجعا ذلك إلى “الدبلوماسية الحكيمة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، لا سيما بعد خطاب العودة إلى الاتحاد الإفريقي وسلسلة اتفاقيات الشراكة والتعاون الثنائي التي عقدها المغرب مع أشقائه بعد الزيارات الأخوية التي قادها الملك في مجالات شتى، بما يجعلها تعمق وتقوي بين روابط التعاون المتين والقائم على الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.

وأضاف عيسات، ضمن تصريح لهسبريس، أن تطور هذه المواقف “يرجع أيضا إلى تغير طبيعة ومقاربة اشتغال هياكل أجهزة الاتحاد الإفريقي بعد عودة المغرب، من خلال الحرص على سلك مساطر واضحة وشفافة لاتخاذ القرار، والحرص على أن يكون الاتحاد منظمة لتحقيق التكامل ومواجهة القلاقل ومهددات الأمن الإفريقي، مع اتخاذ مبادرات بناءة من قبل المغرب من أجل النهوض بتنمية إفريقيا ونهضة شعوبها والمساهمة في استقرارها، الشيء الذي جعل الدول تقتنع بأهمية تفادي معالجة ملف الصحراء باعتباره ملفا لدى الأمم المتحدة، وبأن منظمة الاتحاد الإفريقي منظمة للتكامل والتعاون بين دول إفريقيا، مقتنعة بأن توظيف المنظمة في الملفات السياسية لن يخدم جهودها الرامية إلى تحقيق التنمية المشتركة والمندمجة، وكأن سائر دول إفريقيا وعت بأن محاولات الدول التي كانت توظف المنظمة سياسيا تحول دون تحقيق الاتحاد الإفريقي للأهداف الرامية إلى مزيد من التنمية والنهوض بالقارة”.

من جانب آخر، أشار الباحث ذاته إلى أن الدول الإفريقية “فهمت جيدا في ضوء المتغيرات الجيو-سياسية وفي ضوء مواقف عدد من الدول الكبرى والصديقة للمغرب، أن مسار النزاع المفتعل لا يمكن أن يحل إلا في ضوء المبادرة المغربية الجادة، حيث إن الدول التي أقرت مغربية الصحراء وجدية مبادرة الحكم الذاتي تجاوزت هذه الحقيقة، وانخرطت في دعم المبادرات التي يطلقها جلالة الملك من أجل تحقيق نهضة الدول الحبيسة والمساهمة في التنمية كالمبادرة الأطلسية لولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والانخراط في مبادرات أخرى تهدف جعل الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي قطبا لتعزيز التنمية المندمجة، وفضاء لتعزيز الحوار مع دول الجنوب الأطلسي في الضفة الأخرى كدول فضاء أمريكا الجنوبية واللاتينية”.

من جانبه، قال العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، إن “عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي شكلت منعطفا هاما في تعزيز العلاقات المغربية الإفريقية، حيث ساهمت في بناء بنية متقدمة على مستوى التعاون بين المغرب والدول الإفريقية”.

وأشار الوردي، في حديث لهسبريس، إلى أن هذا التطور أدى أيضا إلى “تعميق النقاش حول عدد من القضايا الخلافية، وخاصة تلك المتعلقة بقضية الصحراء المغربية، حيث تمكن المغرب من مواجهة الترهات والأكاذيب التي كانت تروج لها بعض الأطراف الدولية بشأن هذا الملف”.

وأوضح أن المغرب نجح في ربح رهانين أساسيين بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي، يتعلق الأول بـ”دور المغرب كنموذج استثنائي يعتمد عليه في القارة الإفريقية، سواء على مستوى التعاون الاقتصادي والدبلوماسي أو من خلال مساهمته الفعالة في النهضة الإفريقية عبر مبادرات استراتيجية ومشاريع هيكلية تقوم على مبدأ التعاون رابح-رابح”، مشددا على أن المغرب، من موقعه الإفريقي والمغاربي والعربي، يسهم في الدفاع عن وحدة الدول الإفريقية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية.

الرهان الثاني الذي كسبه المغرب من عودته إلى الاتحاد الإفريقي يتجلى، حسب الوردي، في كون “العديد من الدول الإفريقية أصبحت تتبنى مواقف داعمة للمغرب في النزاع المفتعل حول الصحراء، حيث أعلنت تأييدها للحل المقترح من قبل الرباط، المتمثل في الحكم الذاتي، كحل نهائي ومشروع، كما شهدت القارة سحبا متتاليا لاعترافات بعض الدول بالجبهة الانفصالية، وهو ما يعزز موقف المغرب على الصعيد الدبلوماسي ويشكل خارطة طريق تتبعها الدبلوماسية المغربية”.

وخلص الأستاذ الجامعي ذاته إلى أن الدبلوماسية الملكية “ساهمت في تعزيز مكانة المغرب كدولة موثوق بها على المستوى الدولي”، مشيرا إلى أن المغرب يلعب دورا محوريا في مواجهة الإرهاب والتطرف والانفصال، ويدعم الاستقرار والأمن الإقليميين، لا سيما من خلال مشاريع مثل المبادرة المتوسطية وأنبوب الغاز المغرب-نيجيريا”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الكرة النسائيةl ناشئات تحت 17 تطير إلى القاهرة بعد توديعهن تصفيات إفريقيا
التالى "أبو شقة": الأمن والأمان عنصر هام في الترويج للسياحة