أن تكون مبدعًا فأنت ضمن كثيرين ممن حفل بهم التاريخ، لكن أن تكون عبقريًا منصفًا فأنت وائل السمري، وتلك رحلتك مع «لعنة الخواجة».
صنع «أدريان دانينوس» وهو بطل رواية «السمري» تاريخًا لمصر من خلال فكرة إنشاء السد العالي، وهو المصري اليوناني، المولود فى الإسكندرية في الأول من إبريل سنة 1887، والده ألبير دانينوس باشا عالم المصريات الشهير وكان مديرًا للدائرة السنية بالإسكندرية في عهد توفيق.
يقول «السمري» في حديثه عن سر اختياره دانينوس بطل الرواية التي تجسد واقعًا في كافة جوانبها، حيث أكثر من 90℅ من أحداثها حقيقية بالكامل لٱنها كلها جاءت من خلال وثائق مؤكدة حصل عليها الكاتب.
أسطورة تستحق الخلود
يؤمن السمري في سرده ووجدانه أن أدريان دانينوس أسطورة تستحق أن تخلد، يقول: «فشعرت أن هذه مسئولية كبيرة عليّ للتحدث عن ذلك الرجل وكل ما قدمه ويتجاهله الجميع، وبسبب أن دانينوس لم يأخذ ما يستحق من الحديث عليه، فوجدت أن تلك هي مهمتي وقضيتي أن أبرز ذلك الشخص وما قدمه للوطن، فيجب علينا أن نخلد ذلك الرجل، خاصة أن كل تلك المعلومات لا تتحملها صحافة أو كتاب وثائقي، ولكن الرواية تعد تخليدا دائم، وهذه الرواية كتبت شهادة ميلادها على يد الكاتب الكبير الروائي إبراهيم عبد المجيد».
تتحرك الرواية بين عالمين في بناء فني لا تمل من ابتكاراته في القص أو المشهدية أو اللغة التي تجعلك لا تترك الرواية من يدك رغم كبر حجمها.
ملحمة دانينوس
تعد رواية السمري سيرة للزمن، يتشابك فيها التاريخ مع الإنسان والوطن؛ فتتجاوز التصنيف الروائي إلى الملحمي في بنائها وفي دراما موضوعها سواء مع البطل المصري اليوناني الحقيقي أو الصحفي المتخيل الذي كتب الرواية.
ومع كون الأصل في الرواية هي الوثائق التي حصل عليها السمري، لكنه لم يركن إلى هذه الفكرة وحدها، لقد راح يبحث عن الفن، ومن هنا فكر في البحث عن المزج بين شخصيتي "ناصر" المعبر عن العصر الحديث، بما يحمله من دلالة، وبين "دانينوس" وما يحمله من دلالة مغايرة.
قدر كبير من الوفاء لرجل عظيم
من جانبه، قال الكاتب الكبير حلمي النمنم وزير الثقافة الأسبق إنه برغم انتشار الرواية الصغيرة أو ما يطلق عليها اسم “نوفيلا” لكن في الآونة الأخيرة انتشرت روايات ذات حجم كبير مثل رواية ريم بسيوني عن أبو حامد الغزالي، ورواية لعنة الخواجة التي نحتفل بها اليوم.
وتابع «النمنم»:«حينما أمسكت الرواية للمرة الأولى وجدت نفسي أنهيت ما يقرب من 270 صفحة في جلسة واحدة، واكتشفت أن السمري يتمتع بروح عبد القادر المازني في الكتابة، ممزوجة بسلاسة سرد خيري شلبي في الحكي، برغم أن الموضوع الذي يكتب فيه سياسي وتاريخي كان يمكن أن يورطه بشيء من الجدية أو الأيديولوجية».
وأضاف «النمنم» أن من أهم مميزات “لعنة الخواجة” هو تعدد العوالم التي يكتب تتناولها، ففيها عالم التاريخ والسياسة وكواليس إنشاء السد العالي، وفيها عالم الصحافة وما يحدث في المطبخ الصحفي من تفاصيل، وفيها أيضًا عالم تجار الروبابيكيا وتجار الورق وما يحدث فيه من صفقات تسهم في ضياع جزء مهم من الأرشيف الوطني، ومن أهم مميزات هذه الرواية أن الحكايات تتوالد من بعضها البعض، وهو ما يضعها في إطار الرواية الملحمية.
وأضاف أن الرواية بها قدر كبير من الوفاء لرجل عظيم هو أدريان دانينوس صاحب فكرة السد العالي الذي ضاع من الذاكرة، ولدينا الكثير من الشخصيات العظيمة التي أفنت حياتها من أجل مصر لم تكن من أصول مصرية، وأضاف أن من العبقرية الروائية لوائل السمري هو أنه اتخذ حكاية دانينوس مدخلاً لاستكشاف تاريخ مصر كلها في العصر الحديث، وكان من الممكن أن يسرد وائل هذا الاكتشاف في تحقيق صحفي، لكنه اختار الرواية لأنها تمنح الكاتب الكثير من الحرية من خلال استعراض مختلف الآراء، وهو ما يثبت أن الرواية فن ديمقراطي في المقام الأول، وتعطيك مساحة كبيرة من الحرية لا توفرها القصيدة ولا المسرحية ولا المقال.
كما أشاد النمنم بالدقة التاريخية التي امتاز بها وائل السمري، وقال الرواية تقدم صفحة مجيدة من تاريخ هذا الوطن.
من هو وائل السمري؟
وائل السمري، شاعر وكاتب، عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، عضو مجلس أمناء مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون، فازت مسرحيته الشعرية "كما لا ترون" بجائزة أفضل كتاب من معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2021.
كما فاز بالجائزة الأولى بمسابقة كتاب اليوم، والجائزة الأولى بمسابقة قصور الثقافة، وجائزة أفضل قصيدة من المجلس الأعلى للثقافة الشعرية، وحصل على جائزة الصحافة المصرية عامي 2019، و2022. صدر له ديوانان شعريان ومسرحية شعرية وسيرة إنسانية بعنوان "ابني يعلِّمُني".
تابع أحدث الأخبار عبر