أخبار عاجلة

أكاديميون ينظرون إلى تحديات الثقافة الأمازيغية بين الصراع والدينامية

أكاديميون ينظرون إلى تحديات الثقافة الأمازيغية بين الصراع والدينامية
أكاديميون ينظرون إلى تحديات الثقافة الأمازيغية بين الصراع والدينامية

تعد الثقافة الأمازيغية جزءاً أساسياً من الهوية المغربية، ورغم الاعتراف المتزايد بها في العقود الأخيرة، فإن التحديات التي تواجهها لا تزال تثير جدلاً كبيراً في الأوساط الثقافية والسياسية.

في هذا السياق تناولت ورقة بحثية منشورة في عدد هذا الشهر من مجلة “الدراسات الإفريقية وحوض النيل”، التي تصدر عن المركز الديمقراطي العربي، موضوع الثقافة الأمازيغية وتحدياتها على مر العقود. البحث، الذي حمل عنوان “التحديات المعرفية للثقافة الأمازيغية.. بين الموضوعية والذاتية” للباحث زكرياء نصر الدين، استعرض ثلاث مراحل رئيسية مرت بها هذه الثقافة في المغرب.

ووفقًا لما جاء في الورقة، تميزت المرحلة الأولى بالتهميش التام للثقافة الأمازيغية، حيث تم الدفاع عن وحدة ثقافية وطنية تغيب فيها الهوية الأمازيغية كجزء من النسيج المغربي، معتبرةً أن التنوع الثقافي يشكل تهديداً للوحدة الوطنية. المرحلة الثانية جاءت في سياق صراع مستمر بين القوى السياسية والفاعلين الثقافيين ضد تصاعد “اليقظة الأمازيغية”، مما خلق توتراً مستمراً حول مسألة الاعتراف بالثقافة واللغة الأمازيغيتين. أما المرحلة الثالثة فشهدت اعترافاً أوسع بالثقافة الأمازيغية من خلال إصلاحات ديمقراطية في النظام السياسي المغربي، حيث بات يُنظر إلى التنوع الثقافي كجزء من ثروة الأمة المغربية.

جمال أبرنوص، أستاذ باحث بشعبة الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، اعتبر هذا التحقيب “اختزاليا إلى حد كبير”، مضيفا، في حديث لهسبريس، “أفضل لفظ الدينامية عوض لفظ الصراع، لأنه اللفظ الأقدر، في نظري، على توصيف مجريات الوضع الهوياتي بالمجال المغاربي”.

ويعني الباحث بالدينامية “كل ما جرى، ولا يزال، من أشكال التفاعل حول قضايا اللغة والثقافة والهوية منذ الاستقلال إلى اليوم، سواء كان سياسيا أم حقوقيا أم ثقافيا، علاوة على ما جرى ويجري من نقاش أو تنافس بخصوص كل الممتلكات الرمزية”.

وعلى هذا الأساس، يتابع الباحث ذاته، “أميل إلى الظن أن هذه الدينامية لا تزال حية تجري في أوصال النسيج المجتمعي المغربي، وإن تجددت حواملها وأدوات تأثيرها في سياق التحولات الكبرى التي يشهدها هذا النسيج، وفي سياق تطور المكتسبات التي تحققت لفائدة الأمازيغية خلال ربع القرن الأخير، لكنها تظل دينامية هشة، على أي حال، شأنها في ذلك شأن كل الديناميات التقدمية الجارية بالبلد، بسبب هيمنة الصوت المحافظ، في عالية المجتمع وسافلته، وتحكمه في أحياز كبرى ضمن مساحة التدبير السياسي والاقتصادي والثقافي”.

من جانبه، اعتبر الباحث في الأمازيغية والتاريخ، عبد الله بوشطارت، أن الثقافة الأمازيغية “لا تزال في مرحلة الصراع داخل النسق السياسي والثقافي المغربي، رغم ما تحقق من اعترافات رسمية”. وأشار إلى أن الخطوات التي اتخذتها الدولة، بدءاً من خطاب أجدير وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية واعتماد حرف تيفيناغ، تُعد خطوات هامة، لكن الواقع يثبت أن هناك إقصاءً بنيوياً للأمازيغية على مستوى السياسات العمومية.

وأوضح بوشطارت أن الأمازيغية، رغم ترسيمها في دستور 2011، “لا تزال تواجه تحديات كبيرة، حيث لا تزال مبادرات إدماجها في التعليم بطيئة ومحدودة”، مشيراً إلى غيابها بشكل كبير في المستويات الثانوية ومشروع “مدارس الريادة”، رغم وجود قانون تنظيمي لتفعيل طابعها الرسمي.

وأبرز أن “هناك قيوداً على النشاط السياسي الأمازيغي، حيث يتم منع تأسيس أحزاب سياسية بمرجعية أمازيغية، مما يحرم النشطاء الأمازيغ من المشاركة السياسية الفعالة وفقًا لمرجعيتهم الثقافية والتاريخية”. وأكد أن الأمازيغية تواجه “صراعاً أيديولوجياً داخل النسق السياسي المغربي، الذي لا يزال يؤمن بالقومية العربية والإسلاموية، وهي أيديولوجيات لم تعد قائمة حتى في بلدانها الأصلية بالشرق الأوسط”.

وفي سياق حديثه عن موقع الأمازيغية داخل المشهد السياسي والثقافي المغربي، أشار بوشطارت إلى أن التحليل العلمي الدقيق لهذه المسألة يكشف عن وجود “هيمنة ثقافية تُفرض من قبل مؤسسات الدولة، وأن الأمازيغية هي ضحية لهذه الهيمنة”. واعتبر أن ما تتعرض له الأمازيغية يشبه ما أطلق عليه الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي “سوسيولوجية الهيمنة”، حيث تفرض الثقافة المهيمنة سيطرتها على الثقافات الأخرى عن طريق الدين والدولة والأيديولوجية.

واختتم بوشطارت تصريحه بالتأكيد على أن الأمازيغية ليست فقط قضية ثقافية أو لغوية، بل هي “جزء لا يتجزأ من النضال من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية”. وأشار إلى أن تعزيز موقع الأمازيغية يستلزم إعادة قراءة تاريخ الحركة الوطنية المغربية وفهم “الأدوار التي لعبتها النخب السياسية في قمع وإقصاء هذه الثقافة منذ عام 1930، حيث كانت الحركة الوطنية تمثل بداية الصراع ضد الأمازيغية في ظل دفاعها عن القومية العربية على حساب الثقافة الأمازيغية”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق " خبطة بالعربية وحاول يهرب".. تأجيل محاكمة المتهم بقتل شخص بسبب السرعة الجنونية إلى 5 فبراير المقبل
التالى عاجل.. أبو الغيط يرحب بوقف إطلاق النار في غزة.. ويشكر دول الوساطة